بحرز لأنه لو كان حرز الشئ لكان حرزا لمثله كالخزائن الوثيقة.
دليلنا: قوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، وهذا سارق.
فإن قالوا: لا نسلم أنه سارق.
قلنا: السارق هو من أخذ شيئا مستخفيا متفزعا، قال الله تعالى: إلا من استرق السمع، وقالت عائشة: سارق موتانا كسارق أحيائنا، وقال صلى الله عليه وآله: القطع في ربع دينار، ولم يفصل، وعليه إجماع الفرقة، وقال عمر بن عبد العزيز: يقطع سارق موتانا كما يقطع سارق أحيائنا، فسموا هؤلاء كلهم النباش سارقا وهم من أهل اللسان.
وتسمية أهل اللغة النباش بالمختفي لا تمنع من تسميته سارقا لأنه لا تنافي بينهما، وإنما قلنا ذلك لأن اسم السرقة اسم عام لكل من تناول الشئ مستخفيا متفزعا، وهو مشتمل على أنواع كثيرة، فالذي يهتك الحرز وينقب يسمى نقابا، والذي يفتح الأقفال يسمى فتاشا، والذي يبط الجيب يسمى طرارا، والذي يأخذ الأكفان يسمى نباشا مختفيا، فإذا كان هذا عاما يشتمل على أنواع دخل تحته النباش كما أن قولنا رطب اسم عام يدخل تحته أنواع كثيرة، وقد روينا عن عائشة وابن الزبير أنهما قالا: سارق موتانا كسارق أحيائنا، ولم ينكر عليهما فدل أنه إجماع.
فإن قالوا: القبر ليس بحرز.
قلنا: عندنا أنه حرز مثله، ولو فرضنا أن القبر في بيت مقفل عليه وسرق الكفن منه لما وجب عليه القطع عندهم، وإن سرق من الحرز فبطل اعتبارهم الحرز.
فإن قالوا: الكفن ليس بملك لأحد فكيف يقطع فيما ليس بملك؟ قيل:
في ذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه على حكم ملك الميت ولا يمتنع أن يكون ملكا له في حياته، وفي حكم ملكه بعد وفاته، ألا ترى أن الدين في ذمته في حياته، وفي حكم الثابت