فسارت بنفسها من غير أن يسوقها ولا يقودها، قال قوم: لا قطع، وقال آخرون: عليه القطع، وهو الأقوى، لأنها خرجت بفعله وهو نقل المتاع عليها، ومن قال: لا قطع، قال: لأن للدابة قصدا وإرادة واختيارا فإذا خرجت كان خروجها بغير فعله فلا قطع، وهذا كما يقول إذا فتح قفصا عن طائر فإن هيجه حتى طار فعليه الضمان، وإن طار بنفسه عقيب الفتح من غير تهييج فعلى قولين كذلك هاهنا.
وإن كان في الحرز ماء راكد فجعل المتاع فيه فانفجر وخرج الماء فخرج المتاع معه، قال قوم: عليه القطع لأنه بسبب كان منه، وقال آخرون: لا قطع لأنه خرج بغير قصده، فهو كالدابة سواء، وهو الأقوى في نفسي.
فأما إن أخذه فرمى به إلى خارج الحرز فطيرته الريح وأعانته حتى خرج ولولا الريح ما كان يخرج فعليه القطع، لأن الاعتبار بابتداء فعله ولا اعتبار بمعاونة الريح على فعله، كما قلنا: إذا رمى سهما في الغرض فأطارته الريح فأصاب الغرض كانت له إصابة اعتبارا بابتداء فعله ولا اعتبار بمعاونة الريح.
فأما إن دخل فأخذ جوهرة فابتلعها ثم خرج وهي في جوفه.
فإن لم تخرج منه فعليه ضمانها ولا قطع عليه لأنه أتلفها في جوف الحرز بدليل أن عليه ضمانها كما لو كان شيئا فأكله وخرج فإنه لا قطع، كذلك هاهنا.
وإن خرجت الجوهرة قال قوم: عليه القطع لأنه أخرجها في وعاء فهو كما لو جعلها في جراب أو جيب، وقال آخرون: لا قطع عليه لأنه قد ضمنها بقيمتها بابتلاعها، فهو كما لو أتلف شيئا في جوف الحرز ثم خرج ولأنه أخرجها معه مكرها على إخراجها بدليل أنه ما كان يمكنه تركها والخروج دونها، فهو كما لو نقب وأكره على إخراج المتاع، فإنه لا قطع عليه كذلك هاهنا، والأول أقوى وإن كان الثاني قويا أيضا.
فإن كان في الحرز شاة قيمتها ربع دينار فذبحها فنقصت قيمتها ثم أخرجها فلا قطع عليه، لأن القطع على من يخرج من الحرز نصابا كاملا وهذا ما أخرج النصاب فلهذا لم نقطعه.