لأنه لما سرق مال الغاصب مع مال نفسه كان الظاهر أنه نقب للسرقة، فلهذا قطعناه، وهذا الذي تقتضيه رواياتنا.
فإن سرق رجل نصابا من حرز لرجل ثم أحرزه في حرز آخر فنقب سارق آخر الحرز فسرق تلك السرقة، فعلى السارق الأول القطع لأنه سرق نصابا من حرز مثله لا شبهة له فيه، وأما السارق الثاني فقال قوم: لا قطع عليه لأن صاحب المال لم يرض بأن يكون هذا الحرز حرزا لماله، فكأنه سرقه من غير حرز، وقال آخرون: عليه القطع لأنه سرق من حرز مثله.
فأما إن غصب من رجل مالا وأحرزه ثم سرق سارق تلك العين المغصوبة، قال قوم: عليه القطع، وقال آخرون: لا قطع مثل المسألة الأولى سواء والخصم في المسألتين معا مالك الشئ دون غاصبه وسارقه، وقال قوم في السرقة مثل قولنا و في الغاصب إن الخصم فيه الغاصب.
قد ذكرنا أن القطع يجب بكل ما يتمول في العادة، فمن ذلك الدفاتر بأسرها و المصاحف وكتب الفقه والأدب والأشعار والأسمار ونحو ذلك، كل هذا يجب فيه القطع عندنا وقال قوم: لا قطع في شئ من هذه الدفاتر.
إذا سرق ما يجب فيه القطع مع ما لا يجب فيه القطع وجب قطعه عندنا إذا كان نصابا، مثل أن يسرق إبريقا من ذهب فيه ماء أو قدرا ثمينة فيها طبيخ وما أشبه ذلك، وقال قوم: لا قطع عليه والأول الصحيح للآية والخبر.
من سرق من ستارة الكعبة ما قيمته ربع دينار كان عليه القطع عندنا إذا كانت مخيطة على الكعبة، وقال قوم: لا قطع في ستارة الكعبة، وروى أصحابنا أن القائم عليه السلام إذا قام قطع بني شيبة، وقال: هؤلاء سراق الله، فدل ذلك على أن فيه القطع.
إذا استعار بيت وجعل متاعه فيه، ثم إن المعير نقب البيت وسرق المتاع قطعناه وقال قوم: لا قطع عليه، والأول أصح.
إذا اكترى دارا وجعل متاعه فيها فنقب المكري وسرق فعليه القطع عندنا وعند