نسلم له أن الآية التي ذكروها تناولت هذا القاذف فإنها واردة في من قذف زوجته، وهذا لا يقال أنه قذف زوجته فإنه أضاف القذف إلى حالة كونها أجنبية والاعتبار بحالة إضافة القذف، ألا ترى أن من قذف حرا بزنى أضافه إلى حال كونه عبدا لا يقال أنه قذف حرا، ومن قذف مسلمة بزنى أضافه إلى حال كونها كافرة لا يقال أنه قذف مسلمة، فكذلك هاهنا.
مسألة 16: إذا أبان الرجل زوجته بطلاق ثلاث أو فسخ أو خلع ثم قذف بزنى أضافه إلى حال الزوجية فالحد يلزمه بلا خلاف، وهل له إسقاطه؟ فيه ثلاثة مذاهب:
فمذهبنا ومذهب الشافعي أنه إن لم يكن هناك نسب لم يكن له أن يلاعن، فإن كان هناك نسب كان له أن يلاعن لنفيه.
وذهب عثمان البتي إلى أن له اللعان سواء كان له نسب أو لم يكن.
وذهب الأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد إلى أنه لا يلاعن سواء كان هناك نسب أو لم يكن، ويلزمه الحد، وإن أتت بولد لحقه نسبه ولم يكن له نفيه باللعان.
دليلنا: قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، فأوجب الجلد على من قذف محصنة ولم يأت بالبينة، وهذا قد قذف محصنة ولم يأت بالبينة فوجب عليه الحد بظاهر الآية.
مسألة 17: إذا قذف زوجته وهي حامل لزمه الحد، وله إسقاطه باللعان وبنفي النسب، فإن اختار أن يؤخر حتى ينفصل الولد فيلاعن لنفيه كان له، وإن اختار أن يلاعن في الحال وينفي النسب كان له، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: ليس له أن ينفي نسب الحمل قبل انفصاله وإن لاعن فقد أتى باللعان الواجب عليه، فإن حكم الحاكم بالفرقة بانت الزوجة منه، وليس له بعد ذلك أن يلاعن لنفي النسب بل يلزمه النسب، لأن عنده اللعان كالطلاق لا