فإذا اعتدت، فإن لم تر الدم مضت عدتها وحل لها التزويج عند انقضائها، فإن رأت الدم ففيه ثلاث مسائل:
إحداها: أن ترى الدم قبل الحكم ببراءة رحمها، أو بعده وقبل انقضاء عدتها، فهذه ينتقض ما كنا حكمنا به، ويلزمها أن تعتبر بالأقراء، لأنا تبينا أنها من ذوات الأقراء، وإن انقضت عدتها وتزوجت، ثم رأت الدم فلا يؤثر ذلك فيما حكم به ولا في التزويج، لأنه تعلق عليها حكم الزوج.
وإن رأت الدم بعد انقضاء عدتها قبل التزويج قيل فيه وجهان: أحدهما لا يلزمها الاعتداد بالأقراء، بل يقتصر على ما مضى، لأن رؤية الدم حدثت بعد الحكم بانقضاء العدة، وهو الأقوى عندي، والوجه الثاني أنه يلزمها الاعتداد بالأقراء لأنها رأت الدم قبل أن يتعلق حق زوج آخر به.
ومن قال: تنتظر إلى أن تبلغ سن الآيسات من الحيض، قال قوم: تعتبر عادة الأقارب لأنه أقرب إلى عادتها، وقال آخرون: اعتبرت سنا ما بلغته امرأة من نساء العالم إلا أيست من المحيض، فإذا بلغت سن الآيسات - على الخلاف فيه - فإنه لا يحكم بانقضاء عدتها، بل تحتاج أن تعتد ثلاثة أشهر كما قدمناه أولا، وإن رأت الدم فالحكم على ما مضى.
إذا تزوج صبي صغير امرأة فمات عنها وجبت عليها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا بلا خلاف، سواء كانت حاملا أو حائلا، وسواء ظهر بها الحمل بعد وفاة الزوج أو كان موجودا حال وفاته وفيه خلاف.
فإذا ثبت أنها لا تعتد عنه بالحمل، فإن كان الحمل لاحقا بإنسان بوطئ شبهة أو رجل تزوجها تزويجا فاسدا فإن النسب يلحقه، وتكون معتدة عن ذلك الوطء بوضع الحمل، وتنقطع العدة بالشهور، لأنه لا يمكن أن تكون معتدة عن شخصين في حالة واحدة.
فإذا انقضت العدة بوضع الحمل اعتدت حينئذ بالشهور، وإن كان الحمل من زنا فإنه لا يقطع الاعتداد بالشهور، فتكون معتدة بالشهور في حال الحمل، لأن الزنى