وأما إذا كانت المرأة معتدة بالشهور فلا يحتاج أن يرجع إلى قولها فإن قدر الشهور معلوم وهو ثلاثة أشهر إن كانت مطلقة وأربعة أشهر وعشرا إن كانت متوفى عنها إلا أن يختلفا في وقت الطلاق، فيكون القول قول الزوج كما لو اختلفا في أصل الطلاق، لأن الأصل أن لا طلاق.
وأما إذا كانت معتدة بوضع الحمل فادعت أن عدتها قد انقضت بإسقاط، قال قوم: القول قولها، وإنما يقبل قولها إذا مضى وقت يمكن أن تضع فيه ما تنقضي به العدة، وهو أن تضع ولدا قد تخلق وتصور، ويكون ذلك بأن يمضي بعد النكاح ثمانون يوما وأمكن الوطء، فأما قبل ذلك فلا تنقضي العدة بوضعه، وروى أصحابنا أنها تبين بوضع أي شئ وضعته، وإن كان قبل ذلك.
إذا طلقها وهي ممكن تحيض وتطهر فإنها تعتد ثلاثة أقراء سواء أتت بذلك على غالب عادات النساء في الحيض أو جاوز ذلك قدر العادة أو نقص، فإن انقطع حيضها لم يخل: إما أن ينقطع لعارض أو لغير عارض.
فإن انقطع لعارض مرض أو رضاع فإنها لا تعتد بالشهور، بل تتربص حتى تأتي بثلاثة أقراء وإن طالعت مدتها وهذا إجماع عندهم.
وإذا انقطع لغير عارض قال قوم: تتربص حتى تعلم براءة رحمها ثم تعتد عدة الآيسات، وقال آخرون: تصبر أبدا حتى تيأس من المحيض، ثم تعتد بالشهور وهو الصحيح عندهم، وفيه خلاف.
والذي رواه أصحابنا، أنه إذا مضى بها ثلاثة أشهر بيض لم تر فيها الدم فقد انقضت عدتها، وإن رأت دما قبل ذلك ثم ارتفع حيضها لعذر أضافت إليه شهرين، وإن كان لغير عذر صبرت تمام تسعة أشهر، ثم اعتدت بعدها ثلاثة أشهر، وإن ارتفع الدم الثالث لعذر صبرت تمام سنة ثم اعتدت ثلاثة أشهر بعد ذلك، وفيهم من وافقنا على ذلك، وفيهم من قال: تصبر أربع سنين لتعلم براءة رحمها، ولا خلاف أنها تحتاج أن تستأنف عدة الآيسات بعد العلم ببراءة رحمها، وهو ما قلناه من ثلاثة أشهر.