أنفه، فإن كان يمكن أن يكون صادقا مثل أن يكون في محلة أخرى أو في جانب آخر، فالقول قوله مع يمينه، لأن الأصل نفي العلم، وإن كان لا يمكن أن يكون صادقا فيما قاله مثل أن يكونا في دار واحدة، فإنه لا يقبل قوله، ويثبت النسب ويبطل النفي.
إذا لم ينف النسب مدة ثم قال: قد عرفت أنها ولدت لكن لم أعلم أن لي النفي والآن فقد عرفت وأنا أنفيه، فإن كان الرجل ممن يخالط أهل العلم ويسمع منهم - وإن لم يكن فقيها - فإنه لا يقبل منه، لأنه ظاهر بين أهل العلم ولا يخفى على من يخالطهم.
وإن كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ في بلاد بعيدة عن دار الإسلام، ثم ادعى الجهل، فإن القول قوله مع يمينه، لأن الأصل عدم العلم، وإن كان من العامة الذين نشأوا في دار الإسلام ولم يختلطوا بالعلماء، قال قوم: يقبل قوله مع يمينه، وقال آخرون: لا يقبل، والأول أقوى.
فأما إذا كان معذورا في تأخير النفي، مثل أن يكون مريضا أو محبوسا بحق أو مشغولا بحفظ ماله من الحرق أو الغرق أو اللصوص، أو كان ملازما لغريم يخاف هربه أو يخاف مطالبة غريم ولا وفاء معه وما أشبه ذلك، فإنه لا يبطل نفيه، ويكون باقيا إلى أن يتمكن فينفي، بل إن تمكن من الإشهاد على أنه مقيم على النفي لزمه أن يشهد، فإن لم يشهد مع القدرة بطل نفيه.
وأما إذا كان غائبا وقت الولادة، فإن سمع الخبر وتمكن من المسير مثل أن يكون الطريق مسلوكا فإنه يلزمه أن يأتي وينفي الولد، إن أراد النفي، فإن لم يفعل بطل نفيه، وإن لم يكن الطريق مسلوكا واحتاج إلى بدرقة أو رفقة، كان معذورا في التأخير إلى أن يتمكن من المسير، فإذا تمكن ولم يسر بطل نفيه، وإن تمكن من الإشهاد على نفيه في موضعه لزمه ذلك، فإن لم يفعل مع القدرة عليه بطل نفيه كالحاضر المعذور إذا لم يشهد، ومع القدرة على المسير لا يكفيه الإشهاد، وإنما يكفيه إذا لم يقدر على المسير.
وإذا حضر هذا الغائب من سفره وقال: لم أسمع بأنها ولدت، كان القول قوله