دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وثبوت العقد، وإذا أعقب كلامه بلفظة إن شاء الله في هذه المواضع فلا دليل على زوال العقد في النكاح أو العتق ولا على تعلق حكم بذمته، فمن ادعى خلافه فعليه الدلالة.
وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من حلف على يمين وقال في إثرها " إن شاء الله " لم يحنث فيما حلف عليه، فهو على العموم في كل الأيمان بالله وبغيره.
طلاق المريض مسألة 54: المريض إذا طلقها طلقة لا يملك رجعتها، فإن ماتت لم يرثها بلا خلاف، وإن مات هو من ذلك المرض ورثته ما بينها وبين سنة ما لم تتزوج فإن تزوجت بعد انقضاء عدتها لم ترثه، وإن زاد على السنة يوم واحد لم ترثه.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: " لا ترثه " وهو أصح القولين عندهم، واختاره في الإملاء، وبه قال ابن الزبير، وهو اختيار المزني.
والقول الثاني: ترثه كما قلناه، وبه قال في الصحابة علي عليه السلام وعمر وعثمان، وفي الفقهاء ربيعة ومالك والأوزاعي والليث بن سعد وابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل، ولهم تفصيل، فأبو حنيفة لا يورثها بعد خروجها من العدة، وكذلك أصحابه والأوزاعي والليث بن سعد والثوري وأحد الأقوال الثلاثة للشافعي على قوله الثاني إنها ترثه - والقول الثاني للشافعي على هذا القول أنها ترثه ما لم تتزوج - وبه قال ابن أبي ليلى وأحمد ولم يعتبروه بسنة كما قلناه.
والقول الثالث للشافعي على هذا القول: إنها ترثه أبدا، ولو تزوجت ما تزوجت، وبه قال ربيعة، وقال ربيعة: لو تزوجت عشرة أزواج ورثتها، فعلى هذا يجئ أن ترث في واحد ميراث خلق من الأزواج، وهو أن يتزوجها فيطلقها في مرضه ثم يتزوجها آخر فيطلقها كذلك فتتزوج فيقضي أن يموتوا كلهم دفعة