على أن من لا ينطق ولا يفعل لا يستحق العبادة والإلهية، وخرج الكلام مخرجا ظاهره بخلافه.
وقال في قصة أيوب عليه السلام: وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث، فجعل الله لأيوب مخرجا مما حلف عليه.
وروى سويد بن حنظلة قال: خرجنا ومعنا وائل بن حجر نريد النبي صلى الله عليه وآله فأخذه أعداء له وتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت بالله أنه أخي فخلى عنه العدو، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال: صدقت المسلم أخو المسلم، فالنبي صلى الله عليه وآله أجاز ما فعل سويد وبين له صواب قوله فيما احتال به ليكون صادقا في يمينه فدل على ما قلناه.
مسألة 61: إذا ثبت جواز الحيلة فإنما يجوز من الحيلة ما يكون مباحا يتوصل به إلى مباح، فأما مثل محظور يتوصل به إلى المباح فلا يجوز، وبه قال الشافعي.
وأجاز أصحاب أبي حنيفة الحيلة المحظورة ليصل بها إلى المباح.
قال أبو بكر الصيرفي: نظرت في كتاب الحيل لأهل العراق فوجدته على ثلاثة أنحاء: أحدها ما لا يحل فعله، والثاني ما يحل على أصولهم، والثالث ما يجوز على قول من أحال الحيلة.
فالمحظور مثل ما روى ابن المبارك عن أبي حنيفة أن امرأة شكت إليه زوجها فأثرت فراقه، فقال لها: ارتدي فيزول النكاح وإن كان بعد النكاح، وروي عن أبي حنيفة فيما رواه عنه سليمان بن منصور عن علي بن عاصم في قصة معروفة أنه قال لزوج المرأة: قبل أمها بشهوة فإن نكاح زوجتك ينفسخ.
وقال النضر بن شميل في كتاب الحيل: ثلاثمائة وعشرون أو ثلاثون مسألة كلها كفر - يعني من استباح ذلك كفر -.
والدليل على أن مثل هذا لا يجوز إن الله تعالى عاقب من احتال حيلة