الأعذار من جهتها مع أول المدة حين يمينه لم تضرب المدة، ما دامت قائمة، لأن المدة إنما تضرب إذا امتنع من جماعها بعقد يمين، وهاهنا قد حصل المنع بغير يمين، هذا في جميع هذه الأعذار إلا الحيض فإنه لو آلى منها وهي حائض، لم يمنع الحيض من ابتداء المدة، وأما إن وجدت الأعذار في أثناء المدة، قطعت الاستدامة أيضا كما منعت الابتداء.
والفصل بين الحيض وبين غيره أن الحيض لو منع الابتداء أو قطع الاستدامة أدى إلى أن لا يتم تربص واحد في غالب العرف، فإن العرف أن تحيض المرأة في كل شهر حيضة، فيفضي إلى منع التربص بكل حال، وإذا ثبت أنه يقطع الاستدامة ويمنع الابتداء فمتى زالت هذه الأعذار استأنف ولم يبن على ما مضى، لأن من شأن هذا المدة المتابعة، مثل صوم كفارة الظهار والقتل والجماع، هذا إذا كانت الأعذار من جهتها.
فإن كانت من جهته، فالذي يكون من جهته الصوم الإحرام والاعتكاف الواجب والحبس والمرض، فإذا كانت موجودة فآلى منها ضربنا المدة، ولم تمنع هذه الأعذار من ضرب المدة في حقه، لأن الذي عليها التمكين وقد فعلت، وهكذا الحكم إذا كانت الأعذار معدومة في الابتداء فضربت المدة ثم حدثت في أثناء المدة فإنها لا تقطع الاستدامة أيضا لما مضى.
هذا في كل هذه الأعذار منهما، إلا في شيئين منها، ارتداد منهما أو من أحدهما أو طلاق رجعي، فإن هذين يمنع كل واحد منهما الابتداء، ويقطع الاستدامة، لأن المدة إنما تضرب في زوجية كاملة وهذه ناقصة، لأنها تجري إلى بينونة.
فأما إن وجدت الأعذار من جهته عند انقضاء المدة نظرت:
فإن كان مرضا أو حبسا بغير حق فهذا معذور يفئ فيئة المعذور، فإن فاء فيئة معذور أو طلق فقد خرج من حكم الإيلاء، وإن امتنع منهما فهل يطلق عليه الحاكم؟ على ما مضى من الخلاف.