راجعها، فإنه يستأنف له مدة أخرى، هذا إذا أصابها حال جنونه.
فأما إن آلى منها ثم جنت هي، فإما أن تقر في يده، أو تقر منه، فإن فرت وهربت لم تحسب المدة عليه، لأن العذر من جهتها كما لو نشزت العاقلة، وإن كانت في قبضته فالمدة محسوبة عليه، لأنه متمكن من وطئها، كما لو كانت عليلة.
فإذا انقضت المدة وهي مجنونة لم يوقف ولا مطالبة عليه في حقها، لأن الحق يختص بها، وليست من أهل المطالبة به، لكن يقال له: اتق الله ووفها حقها بطلاق أو وطء، فإن طلق فلا كلام، وإن وفاها حقها بالوطئ، حنث هاهنا لأنه عاقل قاصد إلى المخالفة.
الإيلاء يصح من الذمي كما يصح من المسلم لعموم الآية، وقال قوم: لا يصح منه الإيلاء، فإذا ثبت ذلك وترافع ذميان إلينا، قال قوم: على الحاكم أن يحكم بينهما لقوله تعالى: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " وقال آخرون: هو بالخيار لقوله تعالى: " فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " وهو الأظهر في رواياتنا.
إذا كان العربي يحسن العربية والعجمية معا فآلى منها بأي لغة شاء، فقد صح الإيلاء، لأن اليمين بالله ينعقد بكل لسان.
وإن كان لا يحسن العجمية في الظاهر فأتى بكلمة الإيلاء بالعجمية، سألناه، فإن قال: هذه كلمة الإيلاء كنت أعرفها وقد آليت بها، صح الإيلاء لما مضى، وإن قال: ما عرفت معناه وإنما تكلمت لأني سمعتها من العجم، فالقول قوله، ولا يكون موليا لأن الظاهر أنه لا يعرفها، فهو كمن سبق لسانه إلى كلمة بغير قصد، ويكون القول قوله مع يمينه، لجواز أن يكون عارفا باللغة.
إذا تكرر الإيلاء منه، فآلى ثم آلى، فإنه على ضربين:
أحدهما: أن يطلق الإيلاء فيقول: والله لا أصبتك، ثم يقول: والله لا أصبتك، فهما مطلقتان على التأييد.
والثاني: أن تكون اليمينان مقيدتين، فيقول: والله لا وطئتك سنة، ثم يقول: