فإذا ثبت هذا، لو وطئ منهن اثنتين خرجتا من حكم الإيلاء، لأنه لم يحنث بوطئهما فلو كرر الوطء فيهما أو لم يكرر الباب واحد، فقد خرجتا من هذه اليمين، وتعلقت اليمين في الباقيتين، متى وطئ واحدة منهما، تعلق الحنث بوطئ الباقية.
ولو طلق ثلاثا منهن كان الإيلاء قائما في الباقية، لأن الطلاق لا يحل اليمين ولا يبطلها، لأنها تتعلق بأعيانهن لأن الوطء ما حرم، فإنه يمكن وطؤهن بشبهة أو بفجور أو بملك اليمين، فيتعلق الحنث في الباقية، فلهذا كان حكم الإيلاء باقيا على معنى ما قلناه في أصل المسألة، يعني باقيا في التي يتعلق الحنث بوطئها.
وإن ماتت واحدة منهن انحلت اليمين، لأن الحنث إنما يقع بوطئ الأربعة كلهن، فإذا ماتت واحدة منهن لم يمكنه وطء الأربع، وكان له وطء الباقي، ولا يحنث، لأن الميتة لا حكم لوطئها في حقها، بل يجب عليه الغسل والحد في قول من أوجب عليه الحد عندنا وعند غيرنا، وأما هي فلا يتعلق بها حكم من أحكام هذا الوطء، لأنه لو وطئ الثلاث البواقي ثم وطئ هذه الميتة لم يحنث، لتعذر الحنث فإذا تعذر الحنث سقط حكم الإيلاء، كما لو حلف لا وطئ خمسة أشهر فدافع أو هرب حتى مضت كلها خرج من حكم الإيلاء، لتعذر الحنث.
ويفارق إذا طلق ثلاثا لأن الإيلاء باق في الباقية، فإن الحنث ما تعذر، وهو أن يطلق المطلقات فتعلق الحنث بوطئ الباقية، فلهذا كان الإيلاء باقيا فيها، وهاهنا قد تعذر الحنث، لأنه لا يتعلق الحنث بوطئ الميتة، فبان الفصل بينهما.
إذا قال: والله لا قربت واحدة منكن، كان موليا عنهن كلهن، لأن بقوله: لا أقرب واحدة منكن، قد منع نفسه من كل واحدة منهن، بدليل أنه متى وطئ واحدة منهن حنث في يمينه، ويفارق هذه المسألة الأولى، لأنه لا يحنث بوطئ واحدة ولا بوطئ ثلاث فلهذا لم يكن موليا في الحال عنهن كلهن.
فإذا ثبت أنه مول عنهن كلهن في الحال، ضربنا له المدة، فإذا انقضت وقف لهن كلهن ليفئ أو يطلق، فإن طلق واحدة أو ثلاثا كان الإيلاء ثابتا في الباقية، وإن وطئ واحدة حنث وانحل الإيلاء في البواقي.