إذا قال: إن أصبتك فلله علي صوم هذا الشهر كله، لم يكن موليا عند بعضهم وكذلك عندنا، لأنها يمين بغير الله.
أما عندهم فلأن المولي لا يمكنه الفيئة بعد التربص إلا بضرر، وهاهنا إذا مضت المدة فإنه يفئ بغير ضرر، لأنه إذا وطئ لم يجب عليه الوفاء بنذره، فإن الزمان قد فات مثل أن يقول: فلله علي أن أصوم أمس.
فإن قيل: أليس لو قال " لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان " صح نذره؟
فهلا قلتم هاهنا ينعقد نذره، وإن كان لا يمكنه الوفاء به؟
قلنا: في تلك المسألة قيل فيه قولان: أحدهما لا ينعقد مثل هذه المسألة للعلة التي ذكرناها، والثاني ينعقد نذره.
والفصل بينهما أنه يمكنه البحث عن وقت قدومه، فإذا علم أنه يقدم غدا نوى الصوم من ليلته فيصح متطوعا وإذا قدم تمم واجبا كما لو تطوع بعض النهار بالصوم ثم قال: لله علي إكمال باقيه لزمه، كذلك هاهنا، وليس كذلك هاهنا لأنه إذا فاءت بعد أربعة أشهر فقد فات الشهر الذي نذر صيامه منذ ثلاثة أشهر فلا يمكنه صوم شهر قد فات وانقضى.
فإذا تقرر أنه لا يكون موليا، فهو ناذر نذر لجاج وغضب، كقوله إن دخلت الدار فلله علي صوم شهر، فينظر فيه: فإن لم يصبها حتى مضى الشهر انحل نذره، وإن وطئها قبل مضيه فقد وجد شرط نذره، ويمكنه أن يصوم ما بقي من الشهر، وما الذي يلزمه؟ قال قوم: هو بالخيار بين أن يفي بما نذر فيصوم ما بقي أو يكفر كفارة يمين، والذي يقتضيه مذهبنا الأول، لأن الكفارة لا تجب إلا في اليمين بالله، هذا إذا قصد بالنذر التقرب إلى الله، فأما إذا قصد الإضرار بها فعندنا لا ينعقد نذره أصلا.
فرع هذا المسألة:
إذا قال: إن أصبتك فلله علي صوم شهر، هذا نذر علقه بشهر مبهم يتعلق بالذمة. منهم من قال: لا يكون موليا، وكذلك عندنا لا يكون ناذرا إن قصد الإضرار