إذا قال: والله لا أقربك إن شئت، فهو إيلاء بصفة، والصفة مشيئتها أن لا يقربها لأنه علقه بصفة ينعقد بها، والصفة التي ينعقد بها مشيئتها ألا يقربها، وهو الأصل لأن كل حكم علق بصفة كانت الصفة على الوجه الذي علق بها، فلما قال:
لا أقربك إن شئت، فقد علق الامتناع من قربها بمشيئتها، فكانت المشيئة ألا يقربها.
فإذا ثبت هذا نظرت: فإن لم تشأ لم ينعقد الإيلاء، أن الصفة ما وجدت، وإن شائت في غير وقت المشيئة لم ينعقد لأن الصفة ما وجدت، وإن شاءت في وقت المشيئة انعقد الإيلاء لوجود الصفة.
فإذا ثبت ذلك، فإن شاءت في المجلس بحيث يكون كلامها جوابا لكلامه صح كالقبول في البيع، وفيهم من قال: في المجلس، وفيهم من قال: ما لم يتفرقا، والأول أقوى عندنا إذا أجزنا تعليق الإيلاء بشرط، وإن قلنا إن ذلك لا يصح كالطلاق والظهار والعتاق فالإيلاء لا يصح من أصله.
وإن قال: والله لا قربتك إن شئت أن أقربك، فقد علق الإيلاء بصفة هي صفة في التي قبلها، فإن إطلاق الصفة إن شاء لا يقربها، فقد عدل عن إطلاقها إلى أن قيد الصفة بأن تكون المشيئة أن يقربها، فتحقيق هذا أنه قصد المكابدة، يعني إن شئت أن أقربك فوالله لا فعلت.
فإذا تقرر هذا فالصفة وإن كانت تخالف تلك الصفة، فهما سواء: إن لم تشأ لم ينعقد الإيلاء، وإن شاءت في غير وقت المشيئة لم ينعقد، وإن شاءت في وقت المشيئة انعقد في وقت المشيئة على ما مضى بيانه.
فرع هذه المسألة:
إذا قال: والله لا أقربك إلا أن تشائي، فهو إيلاء مطلق، فقد علق حكمه، ومنع انعقاده بالصفة، فإنه استثناء في النفي، فكان معناه إلا أن تشائي أن أقربك.
فإذا ثبت هذا، فإن شاءت في غير مدة المشيئة أو لم تشأ أصلا فالإيلاء منعقد، لأنه ما وجد شرط حلها، وإن شاءت في وقت المشيئة انحلت الإيلاء ولم ينعقد،