يقتضيه مذهبنا هو أن يحلف لا يطأها أكثر من أربعة أشهر، وإن حلف على أربعة أو دونها لم يكن موليا، وحكي عن ابن عباس أنه قال: هو أن يحلف لا يطأها أبدا، فإن أطلق فقد أبد وإن قال: على التأبيد، فقد أكد.
وقال جماعة: إذا حلف لا وطئها أربعة أشهر كان موليا، وإن كان أقل لم يكن موليا، وقال بعضهم: إذا حلف لا وطئها، كان موليا يوقف ولو أنه حلف لا وطئها يوما.
وإنما قلنا ما ذكرناه لقوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاء و فإن الله غفور رحيم " فأضاف إليهم بلفظ الملك مدة الأربعة، فثبت أن ما بعدها ليس له، وأيضا فلو لا أنه يريد بالفيئة ما يقتضي الغفران لما أخبر عن الغفران عنه، والذي اخترناه مذهب علي عليه السلام وجماعة من الصحابة، وخلق من التابعين، والفقهاء ذكرناهم في الخلاف.
وحكي أن عمر كان يطوف بالمدينة ليلا بنفسه يتتبع ما يطلع عليه، فلما كان ذات ليلة مر بباب دار لقوم فسمع امرأة تقول:
ألا طال هذا الليل وأزور جانبه وأرقني ألا خليل ألاعبه فوالله لولا الله لا شئ فوقه لزعزع من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يكفني وأكرم زوجي أن تنال مراكبه ثم قالت: يهون على عمر بن الخطاب وحدتي وغيبة زوجي، فلما كان من الغد استدعى المرأة فسأل عن زوجها فقالوا: غائب في الجهاد، فاستدعى جائز من قريش فقال لهن: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقلن شهرين، فقال: فثلاثة؟ قلن:
يقل صبرها، فقال: أربعة، فقلن: يفنى صبرها، فبعث عمر إلى أهل الجهاد فرد من كان غائبا عن زوجته أكثر من أربعة أشهر ثم ضرب مدة الغيبة للمجاهدين أربعة أشهر.
فإذا ثبت ما قلناه فحكم الإيلاء عندنا أن له التربص أربعة أشهر، فإذا انقضت توجهت عليه المطالبة بالفيئة أو الطلاق، فمحل الفيئة بعد انقضاء المدة، وهو محل