ومن قال بالأول قال: لأنه إيلاج صادف حال الإباحة قطعا لأنه يوافق زوجية كاملة فهو مباح، حتى يلتقي الختانان ثم ينزع، والنزع ترك وليس بجماع بدليل أنه لو وافاه الفجر مجامعا فوقع النزع والطلوع معا انعقد صومه، ولا كفارة، ويفارق ما قالوه من الإيلاج آخر الليل، لأن المنع هناك من طريق غلبة الظن، لأنا لا نعلم قدر ما بقي من الليل، فلا نأمن أن يوافق الإيلاج زمان الطلوع، فلهذا منع منه.
فإذا تقرر هذا فالتفريع على هذا، فإذا اختار الإيلاج فأولج فإذا غابت الحشفة وقع الطلاق الثلاث لوجود الصفة، وعليه النزع، ولا يحل المكث، ولا الحركة لغير إخراجه، لأنها أجنبية منه، فإن نزع فلا كلام، وإن لم ينزع فلا فصل بين أن يمكث على صورته، أو يكمل هذا الإيلاج، فهل عليه المهر أم لا؟ قال قوم: لا مهر عليه بالمكث، وقال آخرون: عليه المهر.
فأما إن نزع ثم ابتدأ فأولج فإن حكم هذا الثاني منفصل عن الأول لا يتعلق حكمه به ولا يبني عليه، لأنا إنما نجعل الحكم واحدا في وطء كله مباح أو كله حرام فأما في وطئين أحدهما محرم والآخر مباح، فلا يبني عليه.
فإذا ثبت أن له حكم نفسه لم يخل من ثلاثة أحوال: فإما أن يكونا عالمين، أو جاهلين، أو أحدهما عالما والآخر جاهلا.
فإن كانا جاهلين، بأن يجهلا أن الحكم يتعلق بالتقاء الختانين، لأن الفقهاء يعرفون هذا، وكان عندهما أن الحكم يتعلق بالفراغ من الوطء، فإذا كان كذلك فلا حد على واحد منهما، لأنه يدرأ بالشبهة، وإذا لم يجب الحد وجب المهر، لأنه وطء بشبهة.
وإن كانا عالمين بالتحريم، ففي الحد وجهان: أحدهما يحدان، لأنه وطئ أجنبية مع العلم بالتحريم، والثاني لا حد عليهما، لأن هذا الابتداء وطء شبهة، فمن قال لا حد قال: هما كالجاهلين، وقد مضى، ومن قال عليهما الحد قال: لا مهر ولا نسب.
وإن كان أحدهما عالما والآخر جاهلا يبني على الوجهين، فإذا قال: لا حد