وأما إذا بدأ أولا بخصومتها فلا يخلو حالها من أحد أمرين: إما أن تعترف أو تنكر، فإن اعترفت بأنه قد راجعها لم يقبل قولها لأجل حق الزوج الثاني، وعليها مهر المثل، وإن أنكرت فالقول قولها لأن الظاهر معها، وهل يقبل قولها بلا يمين؟ قيل فيه قولان:
أحدهما: أنه يقبل بلا يمين لأنه لا فائدة في استحلافها، لأنه لو اعترفت به لم يقبل قولها فيه.
والثاني أن عليها اليمين، لأن اليمين فيها فائدة، وهو أنه يسقط بها مهر المثل، لأنها لو لم تحلف، لوجب له عليها مهر المثل، فإذا حلفت سقط هذا المهر.
فإذا فرع منها بدأ بخصومة الزوج الثاني والحكم فيه كما ذكرنا إن اعترف بالرجعة، فإن لم يعترف فالقول قوله مع اليمين، لأن الظاهر معه، وإن حلف ثبتت زوجة له، وإن نكل عن اليمين ردت إلى الزوج الأول فإن حلف ردت إليه.
وإنما قلنا: الأولى أن يبتدئ بخصومة الزوج الثاني ثم بخصومتها، لأجل أنه إذا بدأ بخصومته ثم بخصومتها فلو اعترفت بالرجعة فإنا نردها إليه، وإن أنكرت فالقول قولها مع اليمين، وإن بدأ بخصومتها فلو اعترفت بالرجعة لم نردها إليه وإن أنكرت فالقول قولها، وهل عليه اليمين أم لا؟ على قولين، فلأجل هذا قلنا: الأولى أن لا يبدأ بخصومتها.
فإذا ثبت ذلك فكل موضع ذكرنا أنها لو اعترفت بأنه راجعها فلا يقبل قولها لحق الزوج الثاني، فإنها إذا بانت من ذلك الزوج إما بطلاق أو لعان أو موت أو غير ذلك، فإنا نردها إليه، لأنه ما دام حيا فإن اعترافها وقولها لا يقبل، لأنه كان في حق الغير، فإذا سقط حق ذلك الغير قبل قولها في حقها فردت إليه.
كرجل رأى في يد رجل عبدا فقال قد أعتقته فإنا لا نقبل قوله في حقه، لأنه شاهد واحد، فإن اشتراه أعتقناه عليه بإقراره المتقدم، وكذلك لو قال: هذا العبد الذي في يد أخي معتق أو غصبه علي إنسان، فإنا لا نقبل قوله لمثل ذلك، فإن ملكه بالإرث، حكم بعتقه أو برده إلى المغضوب منه لإقراره المتقدم.