إذا قال لزوجتين له: أنتما طالقتان إن شئتما على ألف أو بألف، عندنا لا يقع لأنه طلاق بشرط، وعندهم علق طلاقهما بعوض بصفة هي المشيئة منهما، فاقتضى أن تكون المشيئة منهما جوابا لإيجابه كالقبول في البيع، فإن قالتا على الفور: قد شئنا، طلقتا معا، لأن الصفة قد وجدت، والطلاق بائن لأنه بعوض، وما ذلك العوض؟ على ما مضى من الخلاف، إما مهر المثل أو يتقسط على مهر المثل.
وإن اختلفا فقال الزوج: أنتما شئتما لفظا ونطقا وما شئتما بقلوبكما، لم يلتفت إلى إنكاره لأنه إنما يتوصل من المشيئة إليهما من قولهما ونطقهما، وإن تراخت المشيئة عن وقتها بطل الإيجاب، فلو قالتا من بعد: قد شئنا، لم يتعلق به حكم، لأن الإيجاب قد بطل مثل البيع إذا تأخر القبول عن الإيجاب.
وإن ماتت إحديهما دون الأخرى لم يقع الطلاق لأنه معلق بمشيئتهما معا.
إذا كان له زوجتان رشيدة ومحجور عليها لسفه، فقال لهما: أنتما طالقتان إن شئتما بألف، فقالتا على الفور: قد شئنا، عندنا لا يقع لأنه طلاق بشرط، وعندهم يقع الطلاق بهما معا، لأن الصفة قد وجدت منهما، فإن المحجور عليها لسفه لها مشيئة، لأن المشيئة لا تدخل تحت الحجر.
وإن كانت إحديهما مجنونة لم يكن يتعلق بها حكم لأنه لا تمييز لها، وإن كانت صغيرة لا تمييز لها فهي كالمجنونة، وإن كان لها تمييز فهي كالمحجور عليها لسفه.
فإذا ثبت وقوع الطلاق كان طلاق الرشيدة بائنا لأن العوض ثبت عليها، وما ذلك العوض؟ على ما مضى، فأما طلاق غير الرشيدة فهو طلاق رجعي لأن بذل العوض لا يصح منها، وإن صحت المشيئة منها، فإن قال للمحجور عليها:
أنت طالق بألف إن شئت مشيئة يلزمك بها عوض، فشاءت لم يقع الطلاق، لأن الصفة لم توجد.
إذا كان له أربع نسوة فخالعهن بلفظ واحد على ألف، فعلى ما مضى من الخلاف، وكذلك في العقد عليهن.