لا يجوز للحر نكاح الأمة إلا بشرطين عدم الطول وخوف العنت، على ما مضى في النكاح، فإن اجتمع الشرطان وكان لأبيه أمة كان له أن يتزوج بها لأنه ليس على الوالد أن يعف ولده، فإذا تزوج بأمته ثم مات الأب لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون عليه دين أو لا دين عليه:
فإن لم يكن عليه دين ورث كل زوجته إن لم يكن له وارث سواه، وبعضها إن كان هناك وارث غيره، وأيهما كان انفسخ النكاح.
وإن كان عليه دين يحيط بالتركة فالصحيح أن الحكم فيه كما لو لم يكن عليه دين لأن الدين لا يمنع انتقال التركة إلى الوارث، لكنها تكون كالمرهونة بالدين فيكون الولد قد ملك زوجته أو بعضها وانفسخ نكاحها، وقال بعضهم: الدين يمنع انتقال التركة إلى الوارث، فعلى هذا لا ينفسخ نكاحها، سواء كان الولد كل الورثة أو بعضهم لأنه ما ملك زوجته ولا بعضها.
فإن كانت المسألة بحالها فقال الزوج لزوجته: متى مات أبي فأنت طالق، فمات أبوه، عندنا لا تطلق لما مضى وعندهم لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون عليه دين أو لا دين عليه.
فإن لم يكن عليه دين فقد قال من فرع هذه المسألة: ينفسخ النكاح بالملك، ولا يقع الطلاق لأنه يملكها عقيب الوفاة، وصفة الطلاق توجد بالوفاة فزمان وقوع الطلاق صادف زمان انفساخ النكاح، فالتقيا في زمان واحد فلم يقع الطلاق كما لو قال لزوجته: إذا مت فأنت طالق فمات، لم تطلق، لأن بالموت زوال الزوجية.
وقال بعضهم: هذا سهو فيما فرعه بل يقع الطلاق لأنه إذا علق الطلاق بموت أبيه كان موته صفة بها يقع الطلاق عقيب موته بلا فصل، وانفساخ النكاح إنما يقع بملك الولد تركة أبيه، وهو يملك عقيب الموت بلا فصل، فإذا ملك انفسخ النكاح بحصول الملك، فلم يلتق زمان الطلاق مع زمان الفسخ، بل التقى زمان ملكه وزمان الطلاق، فوقع الطلاق، وبعد وقوع الطلاق دخل زمان الانفساخ فلم يمنع وقوع الطلاق.