والفرق بينهما أن قوله " إحداكما " يصلح لكل واحدة منهما لفظا، فإذا أخبر أنه أراد إحديهما قبل منه، وليس كذلك الأخرى، لأنه ما طلق إلا واحدة، وإنما شاركها في هذا الاسم لا أن اللفظ تناولهما، وإذا كان اللفظ لا يتناول إلا واحدة فالعادة أنه لا تطلق إلا زوجته، وعندي أنه لا فرق بين الموضعين.
فرع:
إذا كانت له زوجتان زينب وعمرة، فقال: يا زينب وقالت له عمرة: لبيك، فقال: أنت طالق، قيل له: ما الذي نويت؟ فإن قال: علمت أن عمرة أجابتني، لكني أرسلت الطلاق إلى زينب وقصدتها دون عمرة، قبل قوله، فتطلق زينب طلقة، ولا تطلق عمرة عندنا، وعندهم تطلق زينب ظاهرا وباطنا.
فإن قال: ما علمت أنها عمرة لكني ظننتها زينب وطلقت هذه التي أجابتني ظنا مني أنها زينب، طلقت عمرة دون زينب، لأنه إنما قصد طلاق من أجابته ونواه، ولا يقع الطلاق على زينب، وعندنا تطلق زينب ولا تطلق عمرة، لأن المراعي قصده ونيته بالتعيين.
وعلى هذا لو قال لأجنبية: أنت طالق، يعتقدها زوجته، فقال: ظننتها زوجتي وطلقتها، لم تطلق زوجته عندهم، لأنه أشار بالطلاق إلى شخص وعناه دون غيره فلا يقع الطلاق على غيره، وهكذا يجب أن يقول هذا إذا نادى إحديهما.
فأما إن أشار بالطلاق من غير نداء وجواب فأشار إلى عمرة فقال: يا زينب أنت طالق، قلنا له: ما الذي عنيت؟ فقال: ظننتها زينب فطلقتها، عندنا لا تطلق التي أشار إليها وعندهم تطلق ظاهرا وباطنا لأنه أشار بالطلاق إليها، ولم تطلق زينب، لأنها لا تطلق بطلاق غيره.
وهكذا نقول في زينب، فإن قال: علمت أنها عمرة ولكني قصدت أن زينب تطلق بهذا سواء كانت هذه أو غيرها، طلقت زينب ظاهرا وباطنا، لأنه أرسل إليها بكل حال، وأما هذه فلا تطلق عندنا، وعندهم تطلق في الحكم، لأنه أشار إليها.