والثالثة، فيقال: عين في الأولى أو الثانية والثالثة، والأول يفتقر إلى إضمار وهو قوله وطلقت هذه، وإذا استقل الكلام بغير إضمار فلا معنى للإضمار فيه، والقول الأخير أقوى.
ولو كانت له زوجات فقال: من بشرتني بقدوم زيد فهي طالق، فقالت له واحدة: قد قدم زيد، فإن كانت صادقة طلقت، وإن كانت كاذبة لم تطلق لأنه كذب وتدليس وانكسار قلب عند الوقوف على الكذب فلا يكون ذلك بشارة، فإذا جاءت أخرى فقالت: قد قدم زيد، فهل تطلق؟ فإن كانت الأولى صادقة لم تطلق هذه، لأن البشارة قد حصلت بالأولى وإذا حصلت بالأولى فلا يكون الخبر الثاني بشارة أخرى، وإن كانت الأولى كاذبة طلقت هذه لأن البشارة بها حصلت وعلى هذا أبدا، البشارة تقع بالأولى إذا كان صادقا.
فأما إذا قال: من أخبرتني بقدومه فهي طالق، فقالت واحدة: قد قدم زيد، طلقت صادقة كانت أو كاذبة، لأن الخبر يدخله الصدق والكذب، وإذا قالت له أخرى: قد قدم زيد، طلقت أيضا لأنها مخبرة أيضا ويفارق الأولى لأن البشارة بعد البشارة لا تكون والخبر يتكرر.
وعندنا أن ذلك كله لا يصح في الطلاق، لكن إن فرضناه في شرط وجزاء مثل أن يقول من بشرني بقدوم زيد فله درهم، أو من أخبرني بقدومه فله درهم، كان صحيحا، ويكون الترتيب على ما مضى شرحه.
إذا قال لغير المدخول بها: إن دخلت الدار فأنت طالق طلقة، ثم قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق طلقتين، فدخلت الدار طلقت ثلاثا، لأن الطلاق إذا علق بصفة ثم علق بصفة أخرى فوجدت الصفتان معا طلقت بكل صفة طلقة كقوله: إن كلمت زيدا فأنت طالق، إن كلمت رجلا فأنت طالق طلقتين، فكلمت زيدا طلقت ثلاثا وهذا لا يصح عندنا في الطلاق، وإن جعل ذلك في الشرط والجزاء بأن قال: إن دخلت الدار فلك درهم، ثم قال: إن دخلت الدار فلك درهمان، أو علق بذلك نذرا ثم دخلت لزمه ثلاثة دراهم.