أحرار لأن الحنث قد وقع بأحد الملكين قطعا، فإن الطير لا يخلو أن يكون غرابا أو غير غراب فلهذا توقف منهما، وليس كذلك هاهنا لأنه يجوز أن يكون غير غراب وغير حمام، فلهذا لم يحنث فيهما وهو صحيح أيضا عندنا إذا علق به النذر، فإنه لا يلزمه شئ للعلة التي ذكرت.
نفسان لكل واحد منهما عبد فأتى طائر فقال أحدهما: إن كان غرابا فعبدي حر، وقال الآخر: إن لم يكن غرابا فعبدي حر، لم يحكم بالحنث في حق كل واحد منهما، لأن كل واحد منهما يجوز أن يكون الحانث صاحبه دونه والأصل الملك فلا يزال بالشك، وفي الأولى الملك لواحد لأنه جمع بينهما وهو حانث في أحدهما قطعا وهاهنا يشك كل واحد في حنث نفسه.
فإن ملك أحدهما عبد الآخر حكمنا بأنه قد عتق عليه، لأن تمسكه بعبد نفسه إقرار منه بأن الحنث من غيره، وأن عبد غيره عتق، فإذا كان مقرا بذلك لم يكن له تملكه فيعتق عليه.
وعندنا أن هذه المسألة مثل الأولى في أنه لا يتعلق بها حكم اليمين، وإن علق به نذرا لم يلزمه شئ أصلا لأنه ليس هناك يقين أصلا، والأصل براءة الذمة، وكذلك إذا ملكه فيما بعد.
إذا كان له زوجتان فطلق واحدة منهما ففيها مسألتان: إحديهما إذا عين الطلاق في إحديهما، والثانية أطلق.
فإذا عين مثل أن يقول لواحدة: أنت طالق، ثم أشكل عليه عينها، أو نادت واحدة منهما فسمع صوتها فقال: أنت طالق، ولم يعلم عينها، أو رأى ظهر واحدة منهما فقال: أنت طالق، ثم اختلطت بصاحبتها ولم يعلم عينها، كلف الامتناع منهما، لأنه قد تحقق تحريم واحدة منهما لا بعينه، فلزمه التوقف كما لو اختلطت أخته بأجنبية لم يجز له نكاح واحدة منهما، وعليه أن يبين المطلقة، والبيان بيان إقرار وإخبار بالتي طلقها، وليس هو بيان شهوة واختيار، لأنه قد أوقع الطلاق على واحدة بعينها وبانت منه.