وهكذا إذا علق ذلك بصفة أخرى.
فإن قال لها: إذا طلقتك فأنت طالق، ثم قال: أردت بقولي إذا طلقتك فأنت طالق أن الطلاق يقع عليك إذا قلت أنت طالق ولم أرد به عقد صفة، فكأنه يريد أن يوقع عليها طلقة واحدة بالمباشرة، عندنا يقبل منه، وعندهم لا يقبل في الظاهر، ويقبل فيما بينه وبين الله.
فأما إذا قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم قال لها: إذا طلقتك فأنت طالق، ثم دخلت الدار، فإنها تطلق طلقة بدخول الدار، ولا يقع عليها طلقة أخرى بقوله أنت طالق، لأن قوله إذا طلقتك فأنت طالق تقديره إذا أحدثت عليك الطلاق بعد هذا القول فأنت طالق، فإذا قال بعد ذلك: إذا دخلت الدار فأنت طالق، ثم دخلت الدار فإن الطلاق يقع عليها بالصفة التي تقدمت هذه الصفة، فلم يكن الطلاق حادثا عليها بعد عقد الصفة فلم يقع بها طلقة ثانية، وعندنا أنه لا يقع بذلك شئ أصلا لأنه شرط بعد شرط فلا يقع به الطلاق.
فأما إذا قال: كلما طلقتك فأنت طالق، ثم قال لها: أنت طالق، فعندنا وعندهم تطلق لقوله: أنت طالق، بالمباشرة، ولا يقع عندنا بالصفة شئ، وعندهم تقع أخرى بالصفة ولا تقع طلقة ثالثة بوقوع الصفة الثانية عليها، لأنا بينا أن معناه إذا أحدثت عليك الطلاق بعد هذا القول، والطلقة الثانية تقع بقوله كلما طلقتك فأنت طالق، فلا يكون طلاقا حادثا بعد هذا القول بل يكون واقعا به.
إذا كان له زوجتان حفصة وعمرة، فقال: يا عمرة إذا طلقت حفصة فأنت طالق، وقال: يا حفصة إذا طلقت عمرة فأنت طالق، فقد علق طلاق كل واحدة منهما بطلاق صاحبتها إلا أنه عقد الصفة لعمرة قبل حفصة.
فإن بدأ فطلق عمرة طلقت طلقة بالمباشرة، وتطلق حفصة طلقة بالصفة، وهو وقوع الطلاق على عمرة، ويعود الطلاق على عمرة فتطلق طلقة أخرى، لأن حفصة طلقت بصفة تأخرت عن عقد صفة عمرة، فهو محدث الطلاق عليها بعد عقده الصفة لعمرة فطلقت بذلك.