الكثيرة المستفيضة، تدل على عدم ولايته على الكبير على نحو الاطلاق، بل فيما إذا احتاج إلى الأخذ من ماله، والأكل منه، فيبقى الصغير تحت العام ويحكم بثبوت الولاية عليه مطلقا، هذه نصوص تدل على ثبوت الولاية للأب والجد على الولد، هي وإن كانت كثيرة إلا أن الظهر دلالة والمعلل فيها بأن الوالد هو الذي يلي أمر ولده ما ذكرناه واثبات الولاية بها تصريحا أو تلويحا في الجملة مما لا اشكال فيها ولا شبه يعريها، وبعد الفراغ عن أصلها يقع الكلام في مقامين: الأول في اشتراط العدالة واعتبارها في الولي: الأب والجد والثاني في اعتبار وجود المصلحة في التصرف في مال الصغير، أو عدم المفسدة فيه وأما المقام الأول فالمشهور عدم اعتبار العدالة في الأب والجد وخالف في ذلك صاحب الوسيلة والايضاح، واعتبر العدالة فيهما، واستدل لذلك بوجهين: الأول حكم العقل والثاني النقل أما الأول فتقريبه إن من المستحيل أن يجعل تبارك وتعالى الفاسق وليا على من لا يدفع عن نفسه، ولا يشعر بمصالح شخصه، بحيث يقبل اقراره في أمره، ويصدق أخباره في نفعه وشره، فالحكمة الكاملة البالغة. ويقتضي اعتبار العدالة واشراط فيها، حتى يحصل الغرض من جعل الولاية وتشريعها ولا يضيع حقوق الصغار الذين لا يعرفون حدودهم ولا يقدرون على نظم أمورهم وأجيب عن ذلك أولا بعدم كون خلاف الحكمة، ومنا فيا لغرض التشريع إذا الشفقة الطبيعية، والمحبة والغريزية، الكامنة في الآباء بالنسبة إلى الأولاد تمتعهم عن الاقدام بما يضرهم ويفسد حالهم وتصدهم عن التسامح فيهم، وفي تحصيل أغراضهم، وتحجزهم عما ينقص عيشهم، ويفوت مصالحهم، بحيث لو لم تكن الولاية ثابتة ورعاية الصغار عليهم واجبة، لجدوا واجتهدوا أيضا في حفظ منافعهم ورعاية مصالح أمورهم وتحصيل أعراضهم، وما أقدموا على ما يضر هم ولا يوافق طباعهم، كما نشاهده في أبناء الزمان، ممن يعيش في عصرنا، بل ربما يركبون المحاذير، ويرتكبون المعاصي، لأجل أولادهم وصلاح مآلهم وازدياد مالهم، والحاصل إنا لله جعل في الآباء محبة ذاتية للأولاد تمنعهم عن التسامح فيهم،
(٨)