وعن المنية للشهيد أن الله تعالى أوحى إلى عيسى: عظم العلماء، واعرف فضلهم فإني فضلتهم على جميع خلقي، ومضمون الأولى من الروايتين، إن العلماء مقدمون على غيرهم، كما أن النبي صلى الله عليه وآله كان مقدما على غيره، فلا يصلح تقدم الغير عليهم، أو تساويه معهم، إلا على مذهب من قال: الحمد لله الذي قدم المفضول على الفاضل ومنها عن الصادق عليه السلام أنه قال: الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك، والمتبادر السابق إلى الأذهان، من حكومة العلماء، على الملوك والزعماء الولاية عليهم والزعامة لهم كما أن للسلاطين والأمراء في نظر العرف العام الزعامة، والدخالة في لأمور العامة، من تأديب الجهال والمتمردين، من باب السلطنة والولاية كما ورد السلطان ولي من لا ولي له فكذلك العلماء. لهم جميع ذلك على جميع الأمة، حتى على حكامهم العرفي، فيجب على الملوك والأمراء أن يكونوا لأوامرهم مطيعين ولا فعالهم تابعين، ولرأيهم سامعين، وعلى حكمهم واقفين، وببيان أوفى، إن الحكام العرفي، والزعماء الصوري، بمنزلة القوى المجرية: لآراء العلماء، وحكم الفقهاء، فعليهم أن ينفذوا حكمهم: ويجروا أمرهم، فالأمر إن الملوك والأمراء إلا كأيديهم، لانجاح أمانيهم، أو كالعمال ورعيتهم، الساعين تحت رايتهم ومنها التوقيع المروى في الاكمال والغيبة والاحتجاج، وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم، يمكن الخدشة فيه، أن المراد من الحوادث غير معلوم، إذ لم ينقل السؤال فيه بتمامه، ولعله كان عن أمور محدودة، ومطالب معدودة لو نقلت إلينا جمع، لما يستفاد تعميم الرجوع إلى الرواة، لكن لا يبعد دفعها، بأن كيفية السؤال وإن كانت غير مذكورة، إلا أنها تظهر من الجواب وتعلم منه، إذا المراد من الحوادث ليس كل ما يحدث ويقع في الخارج، كالأكل والنوم وغيرهما، بل الأمور التي تقع في المجتمع الانساني تحتاج إلى مصلح، ومتصد لها، ومقدم فيها، كالقتل و
(٣٦)