وأما الاطلاق فيمكن دعواه في الأدلة، مثل رواية محمد بن مسلم، وعبيد بن زرارة المتقدمتان، فإن قوله: عليه السلام، لأن الوالد هو الذي يلي أمره مطلق شامل للعادل والفاسق، واختصاصه بالعادل تقييد بلا جهة، ومثله الرواية الأخرى لمحمد بن مسلم إذ قوله عليه السلام (لأن أباه قد أذن له وهو حي) شام للفاسق و العادل بترك الاستفصال بل عدم ذكر العدالة في بيان العلة مع كونه عليه السلام بصدد بيانها، يكشف عن أن العلة إذن الأب فقط لا إذن الأب العادل وهو المراد من - التمسك باطلاق العلة فالأدلة شاملة لهما، إما بالاطلاق، أو بترك الاستفصال هذا تمام الكلام في المقام الأول.
وأما المقام الثاني فيقع الكلام فيه في موردين أحدهما في جواز تصرف الولي وعدمه، إذا كان فيه مفسدة على المولى عليه وثانيهما لو اخترنا عدم الجواز عند المفسدة، فهل يعتبر وجود المصلحة فيه، أو لا يعتبر ذلك، بل يكفي عدم المفسدة.
أما المورد الأول فقبل الورود فيه، ولا بد من الإشارة إلى نكتة، وهي أن الظاهر من مناسبة الحكم للموضوع، إن جعل الولاية على الصغار، وتعيين الولي على الصغير، ومن لا يدفع عن نفسه، ولا يشعر بمصالح شخصه، كالسفيه والمجانين، إنما هو لرعاية أحوالهم، وحفظ نفوسهم، وأعراضهم وأموالهم عن التلف والتضييع لقصورهم عن ذلك، لا للاضرار بهم، وتفرقة أمرهم، واختلال حالهم، وازدياد التشنج في بالهم ونهب أموالهم، وهذا ما ليس فيه خفاء ولا غطاء، وفي غاية الوضوح، ونهاية البدو يستغنى عن كل شرح وبسط، وعلى ذا يكون هذا الأمر المسلم العقلي، والمرتكز القطعي كالقرائن اللفظية المتصلة بالكلام، أو الصالح للقرينة مانها عن اطلاق الأدلة وشمولها لصورة وجود المفسدة وانعقاد الظهور لها في ذلك، فالتمسك باطلاق الأدلة في المورد غير وجيه بل ليس بصحيح مضافا إلى أن المحتمل في الأدلة المطلقة مثل قوله " أنت ومالك لأبيك " أو " أن الوالد يأخذ من مال ولده ما شاء " وغير ذلك من التعابير المتحدة سياقا جهتان.