من الضرب والقتل والقطع والنفي والحبس إذ لا دليل على خروجها من العام و اختصاصها بهم عليهم السلام بل ليست إلا مرتبة عالية من مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر وحفظ مصالح الأمة واحياء حقوق الملة فإن منه ما يكون باللسان فقط كتعليم الجاهل ما لا يعلم وارشاد الغافل فيما أخطأ وهداية المائل عن الحق إليه وهذا القسم يجب على كل مسلم عالم بالمعروف وعارف للمنكر من غير فرق بين الطبقات والمقامات من عالم فقيه وأديب وطبيب و تاجر وشريف ووضيع وغني وفقير، ومنه ما يكون بالزجر والتهديد، والوعد والوعيد، والمجاملة والمشاجرة وهذا أيضا يجب على كل بالغ متمكن منه، وقادر عليه، ومنه ما هو أشد من القسمين، كقطع يد السارق ورجم الزاني وقتله، وتعزير مرتكبي الكبائر أحيانا، والأعمال المنافية للعفة عمدا وهذا القسم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما لا ينبغي صدوره من كل شخص وفرد، ولا يصح وقوعه من كل آمر وناه، ولا يصلح كل فرد من المسلمين أن يتصديه ويقدم عليه، و إلا يزداد الفساد: ويكثر النفاق والعناد، فحينئذ لو قلنا بعدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في تلك الأمور، لاضمحلت آثار الدين، واختلت أمور المسلمين، واندرست الشريعة وضاقت العيشة. وإن قلنا بجواز التصدي لكل فرد يلزم من الفساد ما ذكر، بل لا يوجد مرتدع ولا مزدجر، فلا مناص من القول بأن، المجتمع في هذا القسم من الأمور، يحتاج إلى زعيم وقيم، له العظمة بين الناس و المهابة عندهم، والشهامة لديهم، والفقيه هو المتيقن من بين الطبقات، لأن يكون حافظا للنظم، وجامعا للشتات، وتوضيع ذلك لآت الوجه الثاني النصوص الخاصة الواردة في أن اجراء الحدود. بيد الحاكم بها مثل رواية حفص بن غياث، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام من يقيم الحدود السلطان أو القاضي. فقال إقامة الحدود إلى من إليه الحكم وظاهرها أنه كما أن الحكم
(٤٤)