وأما الولاية المؤمنين فالكلام فيها يقع في مقامين الأول في أصل الولاية الثاني في اشتراط العدالة فيهم.
أما المقام الأول: فقال أستاذنا الفقيه الكبير مد ظله العالي: كل أمر من أمور الدين، إذا علم حسنه ومشروعيته في الخارج: إما باطلاق الدليل الدال عليه، أو بغيره من الاجماع والعقل، يجوز للمؤمنين تصديه، ولهم الولاية عليه، إن كان مما لا يرضى الشارع بتركه، بل يريد وجوده في الخارج لمصالح تقتضي ذلك، كتعمير المساجد وحفظ الأوقاف العامد وأموال الغيب، إلا أن يقال: إن المتيقن منهم أو الظاهر من بعض الأدلة الفقيه من المؤمنين، بناء على شمول التوقيع الدال على وجوب الرجوع في الحوادث إلى الفقيه لمثل ذلك، هذا إذا كان الاستيذان منه والرجوع إليه ممكنا وأما إذا تعذر، فتوضيح ذلك في المقام، إن الأمور التي كان يتصديها الفقيه، للعلم بعدم جواز التعطيل فيها، ومطلوبيتها مطلقا، على أنحاء:
منها إن تصدي الفقيه له إنما كان باعتبار الوصف الثابت فيه، والخصوصية التي تقتضي ذلك كالافتاء والقضاوة في بعض الأمور، ففي مثل تلك الأمور لا يجوز لغيره تصديه وإن تعذر الفقيه، وعلم أنها مطلوبة للشرع ولا يرضى تركها، لوضوح أن جواز الافتاء إنما كان من جهة أن الفقيه عالم بالأحكام وخبير بها، وبصير فيها، فلا يعقل صدوره من غيره ومثله القضاوة.
ومنها ما علم أنه كان من شؤون الرياسة ولوازم الزعامة يتصديه الفقيه، ضرورة أن بعضا من الأمور التي نعلم مطلوبيتها في الشرع مما يتوقف عليه قوام الاجتماع ونظام المجتمع وهذا القسم من الأمور، لا يصلح صدوره من كل فرد ولا يصح تحققه من أي شخص، كبعض مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الملتزم للضرب والقتل، وإلا يلزم التشاح والهرج فإن النهي عن المنكر وإن كان مطلوبا عند الشارع، وهو أيضا يريد وقوعه في الخارج، إلا أن بعض المراتب منه يجوز لكل شخص القيام به وايفائه. سواء كان فقيها أو غيره كبيان المسألة، وارشاد الجاهل، وموعظة المترد ونصح الفساق وغيرها مما لا