ولا يصح لأحد التصرف في شئ منها إلا بإذنه، وقد ثبت الإذن من الله، بالأدلة العامة الدالة على إباحة التصرفات في الأملاك والمباحات، تكليفا ووضعا مع الشرائط المعتبرة فيها، كقوله تعالى " أحل الله البيع ". " أو وفوا بالعقود " ونظائره، ولا يحتاج التصرف في أمثال تلك الأمور إلى الإذن من النبي أو الإمام، وما ورد من أن الأرض والسماء لهم عليهم السلام، ليس المراد أن الملكية الاعتبارية المجعولة للناس في أموالهم، ثابتة لهم أيضا في عرض مالكيتهم حتى يشترط الإذن في التصرف، بالنقل والانتقال، بل المراد الملكية المتقدمة على مالكية الناس مضافا إلى احتمال كون المراد من سنخ تلك الأخبار، إن لهم الإحاطة والقدرة بإذن الله كما أنه تعالى له الإحاطة التامة والقدرة الكاملة العامة، وما يشاؤن إلا أن يشاء الله. وهم بأمره يفعلون ويعملون.
وكذا لا يشترط إذنهم في التكاليف الشخصية المتعلقة بالمكلفين، المتوجهة إلى المسلمين كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وغيرها من الوظائف الدينية بداهة إن أدلة الولاية المطلقة الثابتة: لا يقتضي اعتبار الإذن فيما ذكر، مع وجود المطلقات والعمومات:
نعم يمكن القول باعتباره في الأمور المجعولة لحفظ النظام، وحقوق الأنام، من القضايا التي لا يصح الاقدام عليها إلا بمعونة الزعيم والإمام، ولا يتأتى من كل رعية وعوام.
واستدل الشيخ قدس سره لذلك بالنصوص الواردة في المقام، وإن يمكن الخدشة في بعضها، إلا أن بعضها الآخر تمام. مثل ما روي عن علل الشرائع بسنده عن فضل بن شاذان عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام في علل حاجة الناس إلى الإمام أنه قال ومنها إنا لا نجد فرقة من الفرق. ولا ملة من الملل، عاشوا وبقوا إلا بقيم ورئيس لما لا بد منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم، أن يترك الخلق فيما يعلم أنه لا قوام لهم إلا به.