يستلزم اعمال قوة، ونفوذ قدرة. بخلاف ما يستلزم ذلك، كتعزير الجاهل، و تأديب الفاسق والمتمرد بالضرب. وقطع يد السارق، الذي كان للفقيه تصديه، والاقدام به ولا يصح عند تعذر الفقيه، أن يقوم به كل مؤمن وعادل، كيف وهو مما خيطت للرياسة ونسجت للزعامة ولا يتوقعه العرف، إلا من القائد الذي هو الحافظ الناظر في الاجتماع، والمتكفل لنظمه والمقيم للاعوجاج، والمانع عن الشقاق والنفاق، والمهاب عند الناس، والمعظم عندهم، والمقدم عليهم، فعلى ذا لا بد أن يكون هو المتصدي، ولو تعذر فمن هو مقدم على غيره، ولو جاز التصدي لكل فرد من المسلمين، من شريف ووضيع وعالم وغيره، وإن كانوا عدولا بترتيب الفساد عليه، أكثر مما يترتب على تعطيل هذه الأمور وببيان أوفى وأوضح. أنه يمكن في مقام التصور والثبوت، أن يجعل الولاية فيما ذكر من الأمور، لمن لا يلزم من تصديه لها، واقدامه عليها فساد، ويكون نافذا قوله، وجائزا في الناس أمره وحكمه. بحيث لو تصدى شيئا من الأمور الاجتماعية من باب الولاية الشرعية يحصل منه غرض الشارع، من حفظ النظام ردع المنكر، ودفع الظلم ولا يترتب فساد عليه وأما من ليس شأنه ذلك، لضعفه في المجتمع، بحيث لو تصدى ضرب الآتي بالمنكر أو تعزير شارب الخمر مثلا، يوجد مفسدة أكثر ومحذور أشد مما يلزم لو ترك بحاله، فليس له الاقدام على نظائر تلك الأمور، ولا فرق فيه بين الفقيه وغيره فمن لم يكن من الفقهاء نافذا أمره، وجائزا حكمه لا ينبغي ولا يجوز له التصدي أيضا كغيره، هذا بحسب التصور في مقام الثبوت، وبيان الحكمة المقتضية، لعدم جعل الولاية لهم، بل تشريعها لمن لا يترتب على ولايته فساد، ولا يلزم منه هرج ومرج وتشنج لا يقال إنه قد لا يترتب فساد، على اقدام بعض المؤمنين، وتصديه لبعض الأمور، وإن لمن يكن مبسوطا يده ونافذا قدرته فلا وجه لعدم جعل الولاية له فإنه يقال الحكمة المنصورة في المقام، المقتضية لعدم جعل الولاية لمن ذكر فيما ذكر كالحكمة المقتضية لجعل حكم كلي عام، كوجوب العدة لحكمة عدم اختلاط
(٥٤)