الولاية على غيره، خرج منه النبي والأئمة عليهم السلام بالدليل، وحيث إن منشأ ولاية الفقهاء رضوان الله عليهم، ولايتهم عليهم السلام، وكونهما ولي بالمؤمنين من أنفسهم، فلا بد من التعرض أولا لولاية النبي وأوصيائه عليهم السلام، وكيفيتها، ثم النظر في أن، أي قسم منها يصلح تفويضه إلى الفقيه، واعطائه إياه، أولا يمكن أصلا، بل هو من خصائصهم، وشؤون شخصياتهم، ويعد من مناصبهم القائمة بهم.
وأقوى ما استدل به، وأصرح ما يعتمد عليه في المقام قول تعالى " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " في الأمور الاعتبارية التي اعتبرها العرف في عيشهم ونظم أمورهم، وإدارة حياتهم، أو الأمور المدنية، التي لا بد منها في الحياة الاجتماعية المختصة بالطبيعة الانسانية. أو الغالبة عليها، مما يصلح دينهم ودنياهم ولحفظ أمنهم وايمانهم، وأما كونه أولى بهم في الجزئيات المتعلقة بعموم الناس، فليس موردا للبحث ولا ثمرة لنا فيه، للقطع بعدم ثبوت هذه الولاية للفقيه على كل حال، بل المقصود الأمور الاعتبارية الجعلية المختلفة باختلاف المعتبر والاعتبار، والآية في مقام اعطاء الولاية وجعلها للنبي على المؤمنين في نسخ تلك الأمور بحيث إن له صلى الله عليه وآله أن يزوج صغيرة من شخص، يبيع أموالها، ويشتري لها، وكذا الصغير والسفيه، ومن هو قاصر عن القيام بأمره، وتشخيص مصالحه، أما لنقص في عقله أو ضعف في رشده، بل وله صلى الله عليه وآله التصرف، في أموال الكبار، ونفسهم، فيما ثبت الولاية والجواز لهم من الشرع.
وأما الأمور التي لا يصح للمؤمنين ارتكابه، ولا يجوز اقتحامه كقتل أنفسهم تبذير أموالهم وبيعها فاسدا، فهو خارج عن مدلول الآية قطعا ولا يستفاد ولايته بالنسبة إلى تلك الأمور بل هي مخصوصة بما شرع للمؤمنين ارتكابه، والاقدام فيه.
وبتعبير أوضح، إن جعل الولاية للرسول صلى الله عليه وآله أو لشخص على غيره ليس مشرعا، حتى يجوز لمن له السلطة والولاية قتل الغير وبيع ماله ربويا أو احراق داره، بل المتبادر والمعقول، إن الأمور التي أجاز الشرع تصديها للمؤمنين أو