ثم إنه بناء على ثبوت الولاية للمؤمنين، وجواز تصديهم لكل ما يعد معروفا وحسنا عدا ما تقدم، فهل يقع التعارض بين دليلها، وبين الأدلة المانعة عن التصرف في مال الغير إلا بإذنه، أم لا، الظاهر أن الأدلة المانعة، ناظرة إلى التصرف بالعدوان الذي لا يعد إعانة له، وإغاثة لصاحبه، وهي منصرفة عما يعد إعانة أو يحسب عند العرف عونا، للقصر والعجزة والغائب مثل لو نفرت دابة من مال اليتيم، فأراد رجل أخذها وردها إليه لا يلومونه العرف، ولا يحسن توبيخه ولومه، ولا يتوهم أحد أنه خالف قول المعصوم: لا يجوز لأحد التصرف في مال أخيه المؤمن. وكذا لو رد ضالة المؤمن أو أخذ يد العاجز أو عصاه (1) فرع هل يجوز للمؤمنين أخذ الزكاة وتقسيمها بين المستحقين أم لا، يمكن الاستدلال لولايتهم فيه، بما تقدم من أن عون الضعيف من أفضل الصدقات، وإن كل معروف صدقة. وإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فإن الظاهر من الجميع أن عون المؤمنين موجب لرضى الله تعالى وعنايته، فلو أخذ أحد حق الفقراء من مانعي الزكاة، وأوصله إليهم، فقد أحسن إليهم وأعانهم، وأتى بما فيه رضاه تعالى، كمن أخذ مال الغائب، من يد السارق والغاصب وإن لم يكن مأذونا.
وتوهم أن أخذ الزكاة من المالك مع عدم رضاه، تصرف في مال الغير بدون إذنه وهو محرم ممنوع مدفوع بأن الزكاة ليست من ماله ومختصاته، بل هو أي المانع من الزكاة كالجالس في دار غيره ويريد صاحبها طرده ورفعه، فهل لأحد أن يقول، أنه لا يجوز الطرد لأنه ايذاء محرم ولا أظن أحدا من الأصاغر، يلتزم بذلك، فضلا عن الأكابر قال الشهيد في القواعد: يجوز للآحاد مع تعذر الفقيه والحكام تولية آحاد