ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيما يمنعهم عن الفساد، ويقيم فيه الحدود والأحكام.
ومنها إنا لا نجد فرقة من الفرق، ولا ملة من الملل، بقوا وعاشوا، إلا بقيم ورئيس، لما لا بد لهم من أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد لهم منه، ولا قوام لهم إلا به، إلى أن قال عليه السلام ومنها أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا، حافظا مستودعا، لدرست الملة، وذهب الدين، وغيرت السنة والأحكام، ولزاد فيه المبتدعون، ونقص منه المحدون، وشبهوا ذلك على المسلمين، لأنا قد وجدنا الخلق منقوصين، محتاجين غير كاملين، مع اختلافهم واختلاف أهوائهم، وتشتت أنحائهم، فلو لم يجعل لهم قيما، حافظا لما جاء به الرسول. لفسدوا الخبر، والرواية وإن كانت وردت في علل الاحتياج إلى الإمام المنصوب من الله تعالى، لكنه يستفاد منها حكم عام بملاك واحد، ومناط جامع، وهو أن الطبيعة البشرية، والغرائز الحيوانية، تقتضي وقوع الاختلاف، والتزاحم والجدال، والتنازع والتشاح، وكذا تقتضي سلسلة من الأمور وتحققها في بقاء نظمهم، وصيانتهم وحفظهم، من النفاق والافتراق، والتشعب والشقاق و إلا لفسدت عيشتهم وضاقت معيشتهم.
ولما كانت تلك الأمور مما لا يمكن تحققها، ولا تصح صدورها من أي شخص وأي فرد فلا بد لهم من زعيم ورئيس وقيم وحاكم وإن لم يكن نبيا أو وصيا فحينئذ يقال: القدر المتيقن من الأمة والرعية للرياسة والزعامة في الجملة هو العالم الفقيه العادل.
ومنها رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: مات رجل من أصحابنا ولم يوص فرفع أمره إلى قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القيم بماله، وكان الرجل خلف ورثة صغار أو متاعا وجواري، فباع عبد الحميد المتاع، فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن، إذ لم يكن الميت صير إليه وصيته، وكان قيامه فيها بأمر