بأن زيدا مثلا سارق أو زان أو قاتل، من شأن الفقيه والقاضي فكذلك اجراء الحدود وإقامتها بيدهما، ولا يصلح صدور الحكم بالسرقة وحده من غير عالم به ولذا ترى العرفة يراجعون في ذلك إلى العام والقاضي البصيرين بالأمور والعالمين بها، وكذا اجراء الحدود، لا بد من أن يكون بيد من شأنه الحكم والافتاء، هذا هو الظاهر المتبادر من الرواية.
ويؤيده ما في رواية أبي مريم قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فعلى بيت مال المسلمين، إذا المفهوم والمستفاد منها، أن القضاة بعد نصبهم للقضاوة، لو عملوا على طبق آرائهم وأنظارهم، في قتل وقطع، فإن أصابوا، وإن أخطأوا فعلى بيت المال، ولازم ذلك ثبوت الولاية لهم، في اجراء الحدود (1) وقد يستدل برواية أبي عقبة، الواردة في قص جعفر بن محمد الصادق عليه السلام مع عيلان قاضي الكوفة، قال عليه السلام له: يا عيلان ما أظن ابن هبيرة وضع على قضائه إلا فقيها، قال: أجل، قال: يا عيلان تجمع بين المرء وزوجه قال: نعم قال: تفرق بين المرء وزوجه قال: نعم قال: وتضرب الحدود، قال نعم، قال: وتحكم في أموال اليتامى، قال: نعم.
والرواية كما ترى ظاهرة، في أن الفقيه لا بد أن يكون هو المتصدي للقضاء واجراء الحدود، والحكم في أموال اليتامى، وأنه لا يصح كل ذلك من غيره، ولهذا قال ما أظن ابن هبيرة وضع على قضائه إلا فقيها، ثم سئل عما له التصدي من الأمور، فتحصل مما ذكرناه أن الفقهاء لهم اجراء الحدود وغيرها، وإن أردت توضيح ما تقدم وتفصيله، فنقول: إنه كان من المتعارف والمسلم المعمول بين الناس، أن يراجعوا في كثير من أمورهم، المربوطة باجتماعهم ونظمهم، إلى القضاة والحكام، الذين نصبوا من قبل سلاطين الجور وخلفائه وكانوا يرونه من مناصبهم،