الألباب، السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة وهذا الدليل إنما يتم ببيان مقدمة، وهي أن سلسلة من الأمور إنما تعلق إرادة الشارع على تحققها في الخارج ولا يرضى بتركها وتعطيلها، لمصالح كاملة توجب ذلك وإن لم يخاطب بايجادها مكلف خاص وشخص معين ثم إن بعض تلك الأمور قد يتعلق بسياسة المجتمع ورياسته، وهذا القسم يكفي في ثبوت الولاية فيها للفقيه الأدلة الدالة على أن مجاري تلك الأمور بيد العلماء وقد تقدمت وبعضها غير مرتبط بنظام الاجتماع لكنه علم أن الشارع يريد تحققه في الخارج ولا يرضى تركه كما هو المفروض فحينئذ يجوز للفقيه أن يتصديه من باب الحسبة لكونه المتيقن من بين الأمة فنفس الدليل الدال على ثبوت تلك الأحكام بضميمة العلم بأن الشرع إنما أراد تحققها في الخارج كاف في ثبوت الولاية للفقيه وجواز تصديه، بعد ما علم أنه المتيقن ممن لهم التصدي فكل أمر علم أنه كذلك وأنه لا يرجى تركه كتجهيز الميت الذي لا ولي له وبيع مال الصغير لحفظ نفسه وسد جوعه وغير ذلك يتصدى له الفقيه من باب الحسبة وإن لم يكن مربوطا بنظام الأمة وإلا تشمله الأدلة العامة.
ثم إنه لو جهز ميت لا ولي له بغير إذن الفقيه فهل يسقط التكليف عنه وعن غيره فوجهان وما يتصور في المقام أن تارة يقال إن الشك في اعتبار إذن الفقيه وعدمه بعد العلم بأصل الوجوب شك في شرطيته للمأمور به وتقيده به ومجري الأصل فيه البراءة نقلا وعقلا أو نقلا فقط كما حقق في الأصول هذا بالنسبة إلى المكلفين وأما الفقيه لو شك فيه فيجري في حقه أيضا البراءة لأنه شاك في تقيد المكلف به واشتراطه بأمر زائد والأصل عدمه وأخرى أنه من المحتمل القريب، أن يكون تجهيز الأموات، من الأمور المفوضة إلى الحكام، والمناصب المجعولة لهم، كما ورد أن السلطان إذا حضر الجنازة فهو أولى وقد عرفت أن في أمثال تلك الأمور لا بد من الرجوع إليهم، وتحصيل إذنهم عن التمكن منهم ولعل من هذا الباب كان تجري بعض من كانت له سلطة وزعامة وأراد الصلاة على جنازة بضعة الرسول صلى الله عليه وآله ونبش قبرها ليثبتوا بذلك