وتفصيل ذلك أن الأولاد كما أسلفناه قطعة من الآباء وبضعة منهم ومهجتهم، و العرف لا يرى مغايرة بينهم كأنهم أعضاء متصلة، وجوارح مرتبطة، وأغصان متسقة ويد واحدة: ويشهد بذلك السيرة الجارية المستمرة، إذ يرون أن على الآباء صيانة الأولاد، وحفظ أموالهم، واصلاح بالهم، والنظر إلى مآلهم، كما يحفظون ما يتعلق بأنفسهم، فعلى هذا تنصرف الآية عن الولاية على الأولاد، إذا ليست هي إلا ولاية الولي على نفسه، لا الولاية على غيره، وقد عرفت أن الظاهر من الكريمة حرمان الظالم عن الولاية على الغير، والتسلط عليه، لا مطلقا حتى يكون ممنوعا عن التسلط والولاية على نفسه أيضا فتحصل وتلخص، أن الاستدلال بالآية لاشتراط العدالة، لا يخلو عن المنع والمناقشة.
واستدل شيخ الطايفة في متأخري المتأخرين بأصالة عدم اشتراط العدالة، وبأنه مقتضى اطلاق الأدلة، أما الأصل فالتمسك به غير وجيه، إذ الولاية لم يكن ثابتة للأب والجد على نحو الاطلاق في وقت، ثم يشك في اعتبار العدالة في وقت آخر حتى يصح التمسك بالأصل، واستصحاب العدم الأزلي لا يفيد الأبناء على القول بحجية الأصول المثبتة وهو خلاف التحقيق مضافا إلى ما تقدم من أن مقتضى الأصل الأولى ، عدم ثبوت الولاية لأحد على غيره، حتى يثبت الناقل، اللهم إلا أن يوجه بما ذهب إليه بعض، من أن السيرة بين عموم الناس في جميع أدوارهم، جارية على تولى الآباء أمور أولادهم، وكون اختيار أمورهم بيدهم مطلقا: من غير فرق بين العادل والفاسق منهم، فلو كان شئ معتبرا في ولايتهم وشرطا فيها، للزم على الشارع بيانه وردع الناس عن تلك السيرة الجارية وتخطئهم فيها ولو كان لو صل إلينا وحيث إنه لم يصل نحكم بكونها مرضية عند الشرع وعدم اشتراط العدالة ولم هذا التوجيه لا يخلو عن المسامحة مضافا إلى عدم انطباقه على أصالة عدم الاشتراط، نعم لا يبد أن يكون المراد من الأصل في كلامه هو الاطلاق الذي يذكر بعد