الجهة الأولى أنها في مقام بيان جهة أخلاقية معمولة بين الأب والابن ووالد وما ولد، إذ مقتضى تربيته له ولازم حقه عليه، وتحمل المشاق فيه، وايثاره على نفسه، جواز أخذه من ماله والتصرف فيه حيث إنه رغب فيه حين لم يكن فيه راغب، وحفظه يوم لا حافظ له ولا كافل، ولأن الابن ما نال ما نال إلا به وما بلغ ما بلغ إلا منه، وهذا أمر عرفي وجداني أخلاقي لا ربط له بالولاية والزعامة وعليه يحمل قوله عليه السلام: أو كان رسول الله يحبس الأب لابن.
والجهة الثانية المحتملة في الأدلة إنها في مقام تشريع الولاية للأب والظاهر المتبادر منها لولا استدلال الإمام عليه السلام هي الجهة الأولى دون الثانية، فالتمسك بالنصوص واطلاقها فيما هو محل البحث مع الغض عن استدلال الإمام عليه السلام غير تام، وأما بعد استدلاله عليه السلام وإن كان التمسك صحيحا، للعلم بأنها واردة في مقام جعل الولاية وتشريعها. إلا أنه لا بد لنا من الأخذ بالقدر المتيقن، والاقتصار على مورد الاستدلال، وأخذ الاطلاق أيضا في المورد لو كان، ولا يصح التعدي والتجاوز إلى غيره، وهذا نظير ما روي عن عبد الأعلى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء قال: يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح على المرارة إذ لو لم يستدل الإمام عليه السلام على جواز المسح على المرارة لم يكن لنا معرفة ذلك الحكم من قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج، وبعد معرفته بمعونة الاستدلال والتمسك، لا يصلح أن نأخذ باطلاقه، ونحكم بجواز المسح على كل شئ إذا لم يقدر على المسح بالبشرة حتى أنه لو لم يقدر على مسح رأسه فيجوز له مسح عنقه أو رجله أو مسح رأس صديقه، نعم يصح الغاء الخصوصية عن المرارة وتسرية الحكم إلى الدواء وما شابهه لا مطلقا وما نحن فيه أيضا كذلك فتفطن.
هذا مع قطع النظر عن ورود المقيدات والنصوص الخاصة، وأما مع النظر إليها، فيقيد اطلاق الأدلة بعد تسليمه بصحيحة أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام، قال قال رسول الله أنت ومالك لأبيك، ثم قال لا نحب أن يأخذ من مال ابنه إلا ما يحتاج إليه مما لا بد منه إن