185 - 2 ثم نقول: إذا انتهى اخر هذا القسم وتحقق بمقام التمكين المختص به، تخطى حينئذ مقام التجلي الباطني وتصدى للدخول في حضرة جمع الجمع، لتحققه بحقيقة المعرفة التي هي الإحاطة بعينه وادراك ماله وعليه، وذلك مبدأ مقامات قسم النهايات (1)، وعند ذلك عرف حقيقة ان عليه بقية من حقوق الفناء في الفناء الذي هو إزالة قيد التقيد بحكم أحد التجليين الظاهري والباطني، بحيث لا يحجب كل عن الاخر.
186 - 2 فيتوجه حينئذ توجها حقيقيا إلى حضرة جمع الجمع مستمدا منها في ذلك باستعداده، فتداركته العناية الأزلية أولا بفناء معرفته المقيدة بأحد التجليين وثانيا: بفناء تعين كل منهما وتميزه في حضرة جمع الجمع، وثالثا: بالفناء عن شهود هذا الفناء، وذلك عند ظهور كل من الاسمين الظاهر والباطن بكمالاتهما إلى عين التعين الثاني والبرزخية الثانية، فيحكم البرزخية عليهما (2) بامتزاج وفعل وانفعال بينهما وبين احكامهما، فيتولد بينهما حقيقة قلب جامع مسخر بين الحضرتين هو (3) عين البرزخية الثانية، فيطلع من مشرق هذا القلب شمس التجلي الجمعي الذاتي الكمالي.
187 - 2 فان هذه البرزخية الثانية التي قلب هذا الكامل صورتها الحقيقية هي عين الحضرة الكمالية وميراثها، وهى أيضا عين المرتبة الثانية من مراتب التمكين، فلم يبق عليه اسم ولا رسم ولا إشارة تؤذن بحقيقة تميز وإضافة الا اثر خفى من حكم أحد كليات الأصول من الأسماء، فيتمكن السائر حينئذ من التلبس بأي لباس شاء وفي أي مظهر أراد (4)، ويتمكن من معرفة معروفه في أي صورة تجلى حقا وخلقا، وهذا هو مقام التلبيس وهو أعلى مراتب التمكين الذي هو التمكين في التلوين.