مع فنائك عنك، وملاحظة عدمية مراتيتك فناء يحكم به عليك مرتبة الكمال، وذلك ما يقتضيه ملكة دوام الانس مع الله تعالى، لا انك تقصده وتتوخاه، فان ذلك لا يصلح للكامل الناطق حاله بقوله:
الله يعلم انى لست أذكره * * وكيف أذكره إذ لست أنساه 428 - 5 لكن في مقابلة المطلق والمجهول الغير المتعين نكتة يعرف بها المقابلة، وهى ان يكون المقابلة لها في ضمن المقابلة للحضرة الذاتية، إذ يحصل المقابلة للمطلق حينئذ مع السلامة عن الغلط والانحراف عن الوسط محاذيا لكل جزء من اجزاء المحيط بذاته، إذ لا شئ خارج عن دائرة الحضرة الذاتية، فإذا صرت نقطتها وقد حاذيت كل شئ بذاتك وحكمت عليه بما يستدعيه مرتبته وحاله من صفاتك وسلمت من كل انحراف ولم يفتك شئ من الشرائط الواجبة الرعاية على الكمل دون تعمل، كنت صاحب الحال المذكور للكمل والمقام المنبه عليه أو مؤهلا له سالكا إليه، فتدبر ما سمعت واعرف نسبة حالك من هذا الحال والمقام المذكورين ومن صاحبهما وأثبت حكم الوقت والحال.
429 - 5 اما الثاني: (1) وهو المناجاة بلسان من السنة الكمال المشتملة بما يتضمنه من ترتيب مناجاة الفاتحة على حسن الامتثال وتوضيح المراد الحقيقي الكمالي بما في مبانيه. أولا من مباني الجمال والجلال والافعال. وثانيا من الاعتراف بالعجز والقصور والاحتياج الدائم الذي يتضمنها الاستقامة والاستكمال. وثالثا من استدعاء الهداية إلى الانس مع حضرة القدس والاستعاذة من غضب الجلال وضلال التعويل على النفس في حال من الأحوال.
وانما اخرنا في خاتمة الكتاب استدعاء هداية الانس عن الاستعاذة من الغضب والضلال - على عكس ما في الفاتحة - لان شأن ختم الخاتمة ان يكون عين فتح الفاتحة.
430 - 5 فنقول فيها متوجها إلى الحضرة الأحدية الجامعة التي هي أول المراتب المنعوتة، إذ لا عبارة عما فوقها بالاسم الجامع الدال على ذات الحق معتبرا في المرتبة الجامعة: اللهم حامدا