مر من انك مرآة ذاته وصورك صور أسمائه وهو مرآة أحوالك وكذا كل شئ، فحينئذ (1) كنت مع الحق كل لحظة وكانت له السلطنة بمفرده عليك، لجزمك بان صورك احكامه ولم يغلب عليك حكم غيره بتشوقك له على ما هو المفروض، وآية ذلك أحد التنوعين أو الجمع بينهما، وهما تنوعك بحسبه، لأنك في حكمه كالميت في حكم الغسال.
344 - 5 إذ شأن المنطبع في المرآة لا سيما إذا كان مطلقا عن الصور كلها ان لا يظهر الا بحسب المرآة وقابليتها أو يكمل فيشرف على المقصود بالجمع بين الامرين في آن واحد، وهما تنوعك بحسبه ومشاهدة تنوع ظهوره بحسبك ولكن بالتوجهين المنبه عليهما من قبل في الحق والعالم، وهما توجه الحق تعالى إلى العالم بالتأثير والايجاد وتوجه العالم إلى الحق بالقبول، أو توجه الحق بالاظهار وتوجه العالم بظهور أحواله في الحق، أو توجه الارتباطين:
أي توجه الحق بظهور ذاته في العالم وتوجه العالم بظهور أحواله في الحق، وإلى الأخير الإشارة بقولنا: وان كلا منهما من وجه مجلي للاخر.
345 - 5 ثم نقول: ولن تعود أنت كما قلت، أي لا تصير بحيث لا يغلب عليك حكم أمر بالمعنى السابق حتى تخلص عن ربقة الميول الروحانية والطبيعية، وهذان يشملان النفسانية والعقلية والعادية وغيرها، لان أصل القوى المودعة في الانسان والعالم ذانك القسمان، فان التأثير المظهري ليس الا منهما والبواقي فروعهما، وحتى لا يحيد بك الأشياء والتعينات من الوسط الاعتدالي إلى الأطراف، أي طرف الروحانية والطبيعية، لا آحادها كالعوائد والمنافع التفصيلية من الطبيعة والعقائد الصحيحة والعلوم النافعة من تفاصيل الروحانية وكالأحوال والمراتب السنية التفصيلية المحتملة للطبيعة والروحانية، ولا جملتها، وسواء في ذلك الامر الخسيس والنفيس كما مثلنا، فان التعشق بها قادح في