الوجودية علوا وسفلا والمقامات الأسمائية - بعد الانتظام في سلك الكمل - كان من المتحققين بالرتبة الكمالية، وحينئذ حصل له التمحض والتشكيك وسرت ذاته وحكم مرتبته في جميع المراتب والأسماء والمواطن والنشآت والأحوال، وكان مع الحق حيثما كان، ككينونة ربه معه دون حيث مقيد ولا مع، فحصل له الكمال الإنساني في طور الحضرة الألوهية. وان لم يكمل الدائرة وانقطع في بعضها كان حظه من الكمالات المذكور بمقدار نسبة مقطوعة من مسافة السير إلى نسبة ما بقى منها، وهذا انما يبتدئ من شهوده الوجود الواحد ورؤيته الأشياء بالله، وهى مرتبة الكمال الإلهي في الطور الإنساني. هذا في عدم اتمام دائرة الكمال.
159 - 5 ثم نقول: في عدم اتمام دائرة السلوك ان نقص السير قسمان: نقص قبل استيفاء السير وكماله في الدائرة الأولى السيرية، وأهله الانسان الحيواني، قيل في بعض الحواشي، معناه قبل الشروع في السير، ونقص يختص بالمتوسطين الذين حصل لهم قسط ما من الكمال، ولكن لم يتم لهم الامر، أي حصل لهم نقص مما يكمل به المرء من مراتب السير ولم يحصل لهم الكمال، والا لم يكن في الدائرة الأولى السيرية، بل في الثانية الكمالية، وبين النقصين درجات متفاوتة يعرف الكامل احكامها واحكام أصحابها، ونسبتهم من فلك الإلهية وفلك الانسانية، وذلك بوجهين:
160 - 5 الأول ان الكامل لاتصافه بأوصاف الطرفين يعرف نسبتهم من الأول بالصفة الشمسية المنيرية المفيدية، ومن الثاني بالصفة القمرية المستنيرية المستفيدية.
161 - 5 والثاني ان ذلك لمعرفة الاسمين الربانيين الخصيصين بتربيتهما ولتحققه بالسر الجامع بينهما وبين غيرهما، فان لكل موجود اسما خصيصا بتربيته، وجميع أحواله احكام ذلك الاسم ولوازمه.
162 - 5 ومن لطائف اسرار ما ذكرنا من أن الكامل لاتصافه بأوصاف الطرفين: حضرة