112 - 5 واعلم أن مراتب الاستجلاء أعم من مراتب الاستيداع التي ذكرها في التفسير قائلا: ان الانسان لا يزال مباشرا في مراتب الاستيداع، من حين افراز الإرادة له من عرصة العلم - باعتبار نسبة ظاهريته لا نسبة ثبوته - وتسليمها إياه إلى القدرة ثم تعينه في القلم الا على ثم المقام اللوحي النفسي ثم في مرتبة الطبيعة ثم في العرش إلى اخره إلى حين استقراره بصفة صورة الجمع - أي في الرحم - لأنها ينتهى في المولدات والرحم مرتبة الاستقرار كما أشار إليه وسيجئ التصريح به.
113 - 5 ثم نقول: فللانسان تقلبات في صور الموجودات طورا بعد طور وانتقالات من صورة إلى صورة، وذلك من حين قبوله لأول صورة وجودية حيث لا حيث ولا حين، أي لامكان ولا زمان، بل حين مفارقته النسبية مرتبة تعينه بالحضرة العلمية الإلهية، إذ ليس لغير الحق ثمة شيئية الوجود وتلك المفارقة نسبية لا حقيقية، لأنها تنقل معنوي مخرج من الوجود العلمي بشيئية الثبوت إلى الوجود العيني وشيئية الوجود، والسير المعنوي للانسان مفسر في تفسير الفاتحة بتلبسه بأحوال مرتبة بعد مرتبة وانصباغه باحكامها، وهذا التلبس هو المراد بالتقلب و الانتقال المذكورين، وظهور صورة الانسان العلمية على وحدتها في المظاهر الوجودية شيئا بعد شئ بحسب تمام القابلية في كل مظهر، بحكم الحب الأصلي و الاقتضاء الاحدى المتعدد نسبه بحسب المظاهر وهو المسمى بالتقلب والانتقال.
114 - 5 قال قدس سره في التفسير: اعلم أن السير الذاتي الأصلي بالنسبة إلى الحقائق الكونية والأسماء الإلهية والأرواح والاجرام وجميع التطورات الوجودية دورية، فسير الأسماء بظهور اثارها وسير الحقائق بتنوعات ظهوراتها وسير الأرواح بلفتتها استمدادا من الحق بلفتة وامدادا بلفتة أخرى وبالمواظبة على ما يخصها من العبادة الذاتية مع دوام التعظيم والشوق، وسير الطبيعة باكتساب كل ما يظهر عنها صفة الجملة وحكمه. فافهم.
واما السير الخصوصي من الوسط وإليه فخطى، والخط المستقيم اقصر الخطوط فهو اقربها، وأقرب الطرق إلى الحق المعرف بالشريعة الذي قرنت السعادة بالتوجه إليه هو الصراط