فالحاصل - والله أعلم - ان العناصر مرتوقة، ولو متمايزة متناضدة في العنصر الأعظم مقدمة على المادة المرتوقة للسموات، لان الثانية دخان مرتفع من الأولى، والسماوات مقدمة على الأرض في حال فتق الرتق وبعده في نزول الامر.
786 - 4 ثم نقول: فإذا انتهى الامر إلى صورة الانسان انعطف من صورته لأهل الكمال في حال الحياة بالعروج التحليلي والانسلاخ عن انصياع المراتب الاستيداعية أو التطورات، إلى الحقيقة الكمالية المختصة به المسماة بحقيقة الحقائق، هكذا عروجا على عكس الدروج دائرة تامة كاملة دائم الحكم إلى حين انتهاء ما كتبه القلم من علم ربه في خلقه، ويقضى الله بعد ذلك وقبله ما شاء، ويحدث من شأنه ما يريد للكل بعد الموت إلى مراكز تعيناتها الأصلية ومباديها الأولية وهى الحقيقة الجامعة والحضرة العلمية، فان الخاتمة عين السابقة مطلقا.
787 - 4 وقد أشار الشيخ قدس سره في التفسير إلى النزول في مراتب الاستيداع المسمى معراج التركيب الأول وارتقاء الانحدار بقوله: لا يزال الانسان مباشرا في مراتب الاستيداع من حين افراز الإرادة له من عرصة العلم - باعتبار نسبة ظاهريته لا نسبة ثبوته - وتسليمها إياه إلى القدرة، ثم تعينه في القلم الاعلى ثم في المقام اللوحي ثم في مرتبة الطبيعة ثم في العرش ثم في الكرسي ثم في السماوات السبع ثم في العناصر ثم في المولدات الثلاث إلى حين استقراره بصفة صورة الجمع، مباشرة تابعة للمشيئة والعناية - التابعتين للمحبة الذاتية بالايجاب العلمي - فمهتم به ومتساهل في حقه، كما نبه على الامرين بقوله (ص) في جنازة سعد: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. وقال في حق طائفة أخرى: لا يبالي الله بهم. فأين من يهتز لموته عرش الرحمن ممن لا يبالي الله بهم؟ فكما هو الامر اخرا، كذا هو أولا، لان الخاتمة عين السابقة. هذا لفظه.
788 - 4 وكما قال قدس سره أيضا: وكم بين من باشر الحق تسويته وجمع له بين