775 - 4 ثم شرع في تكميله من جهة أخص اجزائه الذين هم الملائكة، فعرض كل ما علم آدم مما اشتمل عليه ذاته حقا وخلقا على الملائكة فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين (31 - البقرة) أي في ظن اهليتكم للخلافة، فاخبروني بأسماء ما في بواطنكم من الاحكام الامكانية التي اقتضت فيكم ما أبديتم من العصبية والقدح وسائر النقائص السابقة، وبأسماء ما في ظواهركم من الوجود وما أفيضت منه في عوالمكم من ملكوت كل شئ، وبأسماء ما اشتملت عليه ذات آدم من خصائص حقية وخواص خلقية.
776 - 4 وذلك لان هذا العلم من خصائص الخليفة الذي شرطه ان يكون على صورة مستخلفه، فحيث كانت الملائكة محصورين بحكم عالمهم ونشأتهم لم يهتدوا إلى ما خرج عنها، فاعترفوا بالعجز قائلين بلسان نشأتهم. سبحانك من أن يعلم أحد الا ما علمته، اما بالفطرة أو بالتعليم الكسبي، ومن أن يعارض حكمك وحكمتك، فلما بان عجزهم عاد إلى تكميلهم بوساطة أصلهم وكلهم فقال لادم: أنبئهم بأسماء المسميات الذين هم عين أسمائنا الذاتية والصفاتية والفعلية والحالية والمرتبية المفيضية والمفاضية، فلما أنبأهم آدم بذلك علموا وكلموا به من جهة كلهم وكمل كلهم بكمالهم كمالا آخر من جهة اجزائه.
777 - 4 وهذا دليل واضح على أن الملائكة لهم الزيادة والترقي، على خلاف ما زعمت الفلاسفة، ثم حقق قوله تعالى: انى اعلم ما لا تعلمون (30 - البقرة) بتكرار قوله تعالى: ألم أقل لكم انى اعلم غيب السماوات والأرض (33 - البقرة) من الأسماء السارية آثارها فيهما بالايجاد بحسب الانات، وهى التي تخلق وتحقق بها آدم عليه السلام، و (اعلم ما تبدون) من احكام وجودكم، و (ما تكتمون) (33 - البقرة) من احكام امكانكم، فعلمتها جميعا آدم وأودعتها في ظاهره وباطنه وقلبه وسره وسر سره بكمال قابليته وجمعه، فجعلته خليفتي في كمال معرفتي إياي وظهوري لنفسي بالكمال الذاتي والاسمائي جمعا