وتفصيلا وتصرفي في ملكي وملكي، فانقادوا له وخضعوا خضوع الجزء للكل والفرع للأصل - ما عدا إبليس الذي لم يفهم ما قيل بحكم انحرافه وبعده عن قبول الحق - 778 - 4 فان نشأته نارية مقتضية لغاية الاستكبار ونهاية الترفع، فبين نشأتها ونشأة آدم التي في غاية التنزل والضعة بون بين، فلذلك لم يؤثر فيه الحكمة ونور الهداية فلم ينقد لادم، فاخرج عن دائرته وبعد عن الكمال إلى الخذلان، إذ لم يقتصر على عدم الانقياد حتى بدأ بوصف اللجاج والاحتجاج بحجج وهمية لايقة بنشأته فقال: نشأتي مع جمعها بين الروح والجسد أقدم وارفع والطف، ولا حكمة في خضوع الاعلى للأدنى، فأبعد بحجته ولجاجته في مقابلة الامر المطاع، وكان من الكافرين (34 - البقرة) أي الساترين الامر والمتلبسين الحال على الملائكة قبل ان يؤمروا بسجود آدم حتى وافقوه ورضوا بالاستبعاد، فان ملقى الشبهة بينهم والحامل لهم على ما قالوا كان إبليس، بدليل اعطاء نشأته ذلك دون نشأة الملائكة، لان أحدا لا يظهر شيئا الا بما فيه من ذلك بالقوة أو الفعل، وليس في نشأتهم ما يقتضى الفساد والسفك حتى ينبعث منهم اثر ذلك ويغلب عليه خلافه فينكر. أعاذنا الله من الجهل المبعد والحسبان المشتت، ونفعنا بالعلم والتقوى انه يسمع ويجيب، هذا كله مقتبس من كلام الفرغاني.
779 - 4 ثم نقول: فالامر الوجودي الإلهي التكويني المشار إليه في قوله تعالى: يدبر الامر من السماء إلى الأرض... الآية (5 - السجدة) وفي قوله تعالى: يتنزل الامر بينهن (12 - الطلاق) يتنزل في مراتب الاستيداع من حضرة حقيقة الحقائق، أي حضرة الوحدة الجامعة بين الأحدية والواحدية جمعا احديا وهى حضرة الجمع والوجود نزولا غيبيا لا حسيا، إذ لا احساس حيث لا تعدد من مرتبة وسطية قطعية مركزية لوحدتها الحقيقية المستوية النسبة إلى حدود القيود ونهايات اللا نهايات، كنسبة مركز الدائرة إلى محيطها بحركة غيبية معنوية استيداعية لا وجودية انتقالية، إذ لا وجود للغير، أسمائية، لوقوعها في التعينات النورية، ذاتية، إذ لا اتصاف بالتعينات الأسمائية الا للذوات.