غاية ثم اتخذ الحق وكيلا مطلقا، يقول حالتئذ: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل وأنت حسبي في سفري فيك والعوض عنى وعن كل شئ ونعم الوكيل... والحمد لله رب العالمين. تم كلامه.
576 - 4 وأهل هذا المقام الجامع - وهم الكمل ومن يحذو حذوهم من المتمكنين - انما هم بين الطائفتين الأوليين، لانهم لا ينفون العالم على نحو ما ينفيه أهل الشهود الحالي، وهم الطائفة الثانية الذين لا يعرفون وجه التعددات وأسبابها، ولا يثبتون العالم أيضا على نوع إثبات أهل الحجاب، وهم الطائفة الأولى الذين مطرح نظرهم أولا وبالذات حجابية الحقائق وثانيا وبواسطتها ومن ورائها هو الحق سبحانه بحسبها، فهم المرئيون لهم في الحقيقة لا هو - بحسب زعمهم تنزيها له عن الاحكام المنافية لتوحيدهم - ثم توسط الكل بينهما، انما هو مع اعترافهم بالحق سبحانه بالإلهية واستناد التأثير وحقيقة الوجوب إليه، وبالعالم بالمألوهية واستناد التأثر وعدمية الامكان إليه، ثم الارتباط بينهما بالمرآتين من الطرفين ومع تمييزهم بين الحق بأحدية ذاته المطلقة وبين ما سواه بكثرة مظهريات أسمائه وصفاته تفصيلا واجمالا، أو بين الحق بأحدية الجمع والوجود وبين ما سواه بتفصيل أحواله الذاتية وتحصيل شؤونه الصفاتية وثبوت التميز من حيثية ما كاف في صدق أصل التميز، فوحدة الوجود في الجميع من حيث حقيقته الحقة الأحدية لا تنافى تعدده من حيث مظاهر نسبه ومجالي اعتباراته المسماة بأسمائه، وبذلك يسمى العالم غيرا وسوى.
577 - 4 فتدبر لتعرف ان الحقائق المنسوبة إلى الحق من حيث الاسمية وإلى التعين من حيث الكون كلها من وجه أسماء ذاتية للحق، لأنها تعيناته العلمية التي هي بالنسبة إلى ذات الحق عينه ومن وجه مجال لذاته، لأنها مظاهر وجوده وصور تجليه الاحدى، ومن وجه ثالث أتم من الوجهين السابقين، مجال لذاته لا مطلقا ومن حيث هو، لأنه من تلك الحيثية غنى عن العالمين وله مقام كان الله ولا شئ معه، بل مجال له من حيث مجاليه الكلية وأسمائه الذاتية الكلية، كالمفاتيح الأول وسدنتها التي هي أمهات صفات الألوهية.