العبارات المختلفة بحسب الاعتبارات، فلا تتهم في عدم التوفيق الا فهمك.
258 - 4 ثم نقول: وهذا البخار النفسي الكلى الرحماني - أعني الوجود العام والتجلي الساري - ليس مما يدرك ظاهرا بصورة مشخصة للطفه الإلهي وكليته وعمومه الجمعي الاحدى، مع أنه سار بالحقيقة في كل ما يوجد، كما قال تعالى: الا يعلم من خلق وهو اللطيف - لسريانه فيما خلق دون حلول ومزج وانقسام - الخبير (14 - الملك) بكيفية السريان وحكمه الحاصل بالسريان واثاره، فإنه وان لم يتعين له صورة تدرك في الظاهر فإنه لا يشك في اثره، لما مر ان نسبة الربية خفية الصورة ظاهرة الحكم، ولا بد للرب من المربوب. وقد يتحقق فيه من يعرفه من أهل الشهود، فهو كالهواء عندنا في أنه لا يبصر صورته ويحس اثره، ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم (60 - النحل) 259 - 4 فان قلت: هل يعهد في النشأة الانسانية الجامعة نظيره مما لا ترى صورته وتدرك اثاره قطعا؟
260 - 4 قلت: ان شئت ذلك فتأمل نسخة وجودك واعتبر هذا البخار المسمى بالنفس الرحماني بالبخار الحاصل في التجويف القلبي الصنوبري في الجانب الأيسر المنبسط (1) من طرف الشرائين إلى جميع البدن المسمى بالروح الحيواني عند الأطباء وحامل ومظهر له عند المحققين، فإنه لا يرى مع أن له آثارا عديدة وافعالا بديعة.
261 - 4 منها انه يرتقى إلى تجويف الدماع معمورا به ومنبعا لخواص قواه النفسية من الحس بأنواعه العشرة والحركة باقسامها ما دامت الحياة باقية لصاحبه.
262 - 4 ومنها حيلولته في تجويف الرأس إذا امتلأ بطونه منه وغلب النوم بين الالتفات النفساني إلى عالم النفوس والروحاني إلى عالم الأرواح، وبين العالم الظاهر حيث لا يشغله الحواس الظاهرة عن الالتفاتين لانسدادها بذلك الامتلاء، فينفتح في مستقر القوى الدماغية باب الصور الخيالية بتصويره القوة المصورة لمخزونات الروح الحسى في الخيال