اخرا في أصل الوجود بحسب ما يليق به من الاستقرار المعلوم بالكشف المشار إليه بقوله تعالى: فمستقر ومستودع (98 - الانعام) كذلك تعددت الحروف والكلمات اللفظية فينا حسا وذهنا من جهة كوننا مخلوقين على الصورة الإلهية، وذلك معلوم لأهل الكشف والحجاب، ولذلك أيضا كما اشتمل النفس الإنساني على الحروف والكلمات والآيات والسور والقرآن والفرقان، كذلك اشتمل النفس الرحماني في الموجودات على الحروف والكلمات والآيات الدالة على كمالات موجدها وأحواله عندهم وأحوالهم عنده وفيما بينهم والسور التي هي طائفة من تلك الآيات والقرآن الذي هو مجموعها مجملا والفرقان مفصلا، فافهم.
246 - 4 قال الشيخ الجندي: فعلم أن الله أحاط بكل شئ علما، واحصى كل شئ عددا (28 - الجن) فان التجلي الحبى الإلهي في بدء التجلي الايجادي خرج من باطن قلب التعين الأول ودرج في الألف النفسي ومر على حضرة أحدية الجمع - يعنى جهة وأحديته - في العلم الذاتي على جميع حقائق الشؤون الذاتية والحقائق الفعلية الإلهية إلى أن بلغ غاية حضرة الامكان، فلم يجد محل تعين التجلي تماما فرجع قهقري إلى باطن القلب فتم دورة التجلي فتنفس بألف النفس المحيط - كإحاطة التجلي الحبى - 247 - 4 فلما كان ما كان وبان ما بان بسر هذا الشأن عاد الامر دوريا - كما كان - فما في الوجود الا الله العظيم الشأن، كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام (26 و 27 - الرحمن) تم كلامه.
248 - 4 وقيل: انما سمى الوجود المتنفس نفسا لان تعينه بنفس المتعين عن مضيق الاطلاق والاستهلاك في الأحدية.
249 - 4 ثم نقول: فالحاصل ان النفس المذكور الرحماني الذي هو التجلي الساري بالنسبة إلى النشأة الوجودية كلياتها وجزئياتها التي هي كلمات نفس الرب سبحانه وحروفه بخار عام لاعتباره به، هو نتيجة الاجتماع العام بين الأسماء الذاتية الواقعة في مرتبة الوحدة بالتوجه الإلهي الغيبي، لأنه قبل وجود المظاهر الحبى، لان اسم الميل بالنسبة إلى الحقيقة