ظهور لكل تعين فهو منه وله، وان كل تعين لكل ظاهر شأن له يتوارد حسب اقتضاء القابل منتسبة إليه - مع أحديته في ذاته - وهذا معنى قوله: وأنت مرآته وهو مرآة أحوالك، وان الأسماء الحاكمة فينا عين شؤونه التي هي تعينات مخلوقاته وصور تجلياته الحاصلة من خصوصياته الغير المجعولة المستجنة في غيب هويته.
904 - 3 فان قلت: قال الشيخ الكبير رضي الله عنه في الفص الشيثى: العطايا الذاتية لا تكون ابدا الا عن تجل الهى، والتجلي من الذات لا يكون ابدا الا بصورة استعداد المتجلى له، فاذن المتجلى له ما رأى سوى صورته، أي عينه الثابتة في مرآة الحق، وما رأى الحق كما لا ترى المرآة مع علمك انك ما رأيت صورتك الا فيها، فأبرز الله تعالى ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي، وإذا ذقت هذا ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في حق المخلوقات، فلا تتعب نفسك في أن ترقى مما بعده الا العدم المحض، فهو مرآتك في رؤيتك نفسك وأنت مرآته في رؤيته أسمائه وظهور احكامها، وليست سوى عينه، فاختلط الامر، فمنا من تحير وقال:
العجز عن درك الادراك ادراك، ومنا من علم وأعطاه العلم السكوت - لا العجز - وهو أعلى عالم بالله.
905 - 3 وقال الشيخ مؤيد الدين الجندي في شرحه: حاصل الذوق المذكور ان لا ترى الحق في تجليه الذاتي الا بحسب خصوصية عينك الثابتة وبصورتها، ولكن في مرآة وجود الحق، وهذا أعلى درجات الكشوف بالنسبة إلى مثلك، الا ان يكون عينك عين الأعيان الثابتة كلها لا خصوصية لها يوجب الحصر، بل خصوصية أحدية جمعية برزخية