كمالية، فتعين لك الحق حينئذ مثل تعينه في عينه، بل عين تعينه لنفسه، بل أنت عينه.
906 - 3 ودون هذين الشهودين شهودك للحق في ملابس الصور الوجودية، نوريها ومثاليها وروحانيها وعقليها ونفسيها وحسيها وعنصريها وطبيعيها وخياليها وذهنيها وبرزخيها وحشريها وجنانيها وغير ذلك، وكل ذلك بحسب تجليها من عينك لا من غيرك، ثم اختلاط الامر عبارة عن أن يصدق على كل واحد من الحق والخلق انه مظهر وظاهر وغيب وشهادة، فلاشتباهه على الناظر خفى عن الشهود وعن التجلي فاقتضى الحيرة، اما حيرة الكمل فحقيقتها عدم الانحياز إلى جهة معينة فيما لا ينحصر في الجهة، واللا علم بما لا يعلم، وهو الجهل بما من شأنه ان لا يحيط العلم به، وهو غاية العلم به، لأنه يعلم أنه لا يعلم، وهو معنى قوله: العجز عن درك الادراك ادراك.
907 - 3 هذا هو المستفاد من كلام الشارح فنقول: كلام الشيخ الكبير رضي الله عنه يشعر في الارتباطين بان الحق مرآة نفس الخلق والخلق مرآة أسماء الحق واحكامها على عكس ما يفهم من قول شيخنا قدس سره، فكيف الامر؟
908 - 3 قلت - والله أعلم -: يفهم مما قال الشارح من أنه يصدق على كل واحد من الحق والخلق انه ظاهر ومظهر وغيب وشهادة ان كلا منهما مرآة للاخر، ومن قول الشيخ الكبير: أنت مرآته في رؤيته أسمائه وظهور احكامها، وليست سوى عينه ان مظهر أسمائه عين مظهر عينه ويلزم عكسه، لان عين العين عين، وذلك لما ثبت في قواعدهم ان كل موجود كان ما كان مظهر تجليه الذاتي لوجوده ومظهر أسمائه المخصوصة لخصوصيته، لكن عموم المظهرية باعتبار التعلق - اما من طرف الخلق - فلما كانت تعينات الأعيان الثابتة للخلق عين تعينات أسماء الحق كان ظهور نفس الخلق في الحق عين ظهور أحوالهم، لان ذواتهم أعيانهم الثابتة التي هي نسب علم الحق فهي شؤونه وصفاته، فلا فرق بين كون الحق مرآة نفس الخلق أو مرآة أحوالهم الا باعتبار متبوعية بعض أحوالهم، كحقائقهم وتبعية بعضها، إذ لا ذات في الحقيقة الا للحق، فالمرآتية وإن كانت صادقة من الطرفين بكل من